منتديات أطياب العراق

اهلا وسهلا بكم في منتدياتكم منتديات أطياب العراق

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات أطياب العراق

اهلا وسهلا بكم في منتدياتكم منتديات أطياب العراق

منتديات أطياب العراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أطياب العراق اسلاميه اجتماعيه ثقافيه سياسيه رياضيه ترفيهيه والمزيد...........

  اعلان هام جدا     " ان منتديات أطياب العراق بحاجه الى اعضاء ومشرفين فمن يجد في نفسه القدره على ذلك ماعليه سوى التسجيل في المنتدى ثم كتابه شيء بسيط من سيرته الذاتيه في قسم الشكاوي والاقتراحات وان واجه اي مشكله في التسجيل يمكنه طرح مايريد في منتدى الزوار والذي يقع داخل قسم الشكاوي والاقتراحات (علما ان الترشيح لكلا الجنسين). "       الاداره

    كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)

    اميرالنجف
    اميرالنجف
    .
    .


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
    نقاط : 21216
    تاريخ التسجيل : 28/10/2012

    كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول  في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)  Empty كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)

    مُساهمة من طرف اميرالنجف السبت نوفمبر 10, 2012 6:21 am





    الباب الأول
    في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول -
    الفصل الأول



    في فضلهما و العلة في تسميتهما و بدو خلقهما و سؤال الملائكة في ذلك
    قال الله تعالى وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ أَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ .


    أقول : الخليفة من ينوب عن غيره و الهاء للمبالغة و هذه الآية و ما بمعناها دالة على أن الغرض و المقصود من خلق آدم (عليه السلام) أن يكون خليفة في الأرض لمن تقدمه من الجان و ليس المقصود من خلقه أن يكون في الجنة نعم كان الأولى به ألا يفعل ما فعل و ينزل من الجنة عزيزا كريما على خلع الجنة و على زوجته ثياب حور العين و الملائكة يزفونه و يسجدون له في الجنة .

    و أما قول الملائكة أَ تَجْعَلُ فِيها فهو تعجب أما من أن يستخلف لعمارة الأرض و إصلاحها من يفسد فيها و استكشاف عما خفي عليهم من الحكمة التي غلبت تلك المفاسد و استخبار عما يزيح شبههم و ليس باعتراض على الله و لا طعن في بني آدم و على وجه الغيبة كما توهمه من جواز الذنوب على الملائكة فإنهم أجل و أعلى من أن يظن بهم ذلك .

    و إنما عرفوا ذلك بإخبار من الله أو تلق من اللوح المحفوظ أو قياس لأحد الثقلين على الآخر .

    و قوله وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ حال مقررة لجهة الإشكال عليهم قيل و كأنهم علموا أن المجعول خليفة ذو ثلاث قوى عليها مدار أمره شهوية و غضبية تؤديان به إلى الفساد و سفك الدماء و عقلية تدعوه إلى المعرفة و الطاعة و نظروا إليها مفردة و قالوا ما الحكمة في استخلافه و هو باعتبار تينك القوتين لا تقتضي الحكمة إيجاده فضلا عن استخلافه و أما

    [23]
    باعتبار القوة العقلية فنحن نقيم بما يتوقع منها سليما عن معارضة تلك المفاسد و غفلوا عن فضيلة كل واحد من القوتين إذا صارت مهذبة مطاوعة للعقل متمرنة على الخير كالعفة و الشجاعة و لم يعلموا أن التركيب يفيد ما يقصر عنه الآحاد كالإحاطة بالجزئيات و استخراج منافع الكائنات من القوة إلى الفعل الذي هو المقصود من الاستخلاف .

    و أما تعليم آدم الأسماء فبخلق علم ضروري فيه أو أنه ألقاه في روعه .

    و قوله ثُمَّ عَرَضَهُمْ أي المسميات المدلول عليها ضمنا .

    و أما ما يقال من أنه كان للملائكة أن يقولوا لو علمتنا كما علمت آدم لعلمنا مثله فجوابه أنهم أجابوا أنفسهم بقولهم إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ .

    و ذلك أن مقتضى الحكمة وضع الأشياء مواضعها على وفق الحكمة فحكمته تعالى إنما اقتضت إلقاء التعليم إلى آدم لا إلى الملائكة .

    و روى الصدوق بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنما سمي آدم (عليه السلام) لأنه خلق من أديم الأرض .

    قال الصدوق :اسم الأرض الرابعة أديم و خلق منها آدم فلذلك قيل من أديم الأرض.

    و قال (عليه السلام) : سميت حواء لأنها من حي يعني آدم (عليه السلام) .

    و قد اختلف في اشتقاق اسم آدم (عليه السلام) فقيل اسم أعجمي لا اشتقاق له كآزر .

    و قيل إنه مشتق من الأدمة بمعنى السمرة لأنه كان أسمر اللون و قيل من الأدم بمعنى الألفة و الاتفاق .

    و أما اشتقاق حواء من حي أو الحيوان فهو من الاشتقاقات الشاذة أو الجعلية كلابن و تامر .

    و روى الصدوق رحمه الله أيضا عن ابن سلام أنه : قيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هل خلق آدم من الطين كله أو من طين واحد قال بل من الطين كله و لو خلق من طين واحد لما عرف الناس بعضهم بعضا و كانوا على صورة واحدة قال فلهم في الدنيا مثل ذلك قال التراب فيه أبيض و فيه أخضر و فيه أشقر يعني شديد الحمرة و فيه أزرق و فيه عذب و فيه ملح فلذلك صار الناس فيهم أبيض و فيهم أصفر و فيهم أسود و على ألوان التراب الحديث .

    و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن الله تبارك و تعالى بعث جبرئيل (عليه السلام) و أمره أن يأتيه من أديم الأرض بأربع طينات طينة بيضاء و طينة حمراء و طينة غبراء و طينة سوداء و ذلك من سهلها و حزنها ثم أمره أن يأتيه بأربع مياه عذب و ماء مالح و ماء مر و ماء منتن ثم أمره أن يفرغ الماء في الطين فجعل الماء العذب في حلقه و جعل الماء المالح في عينيه و جعل الماء المر في أذنيه و جعل الماء المنتن في أنفه .


    [24]
    و جاء تعليله في توحيد المفضل.

    عن الصادق (عليه السلام) : إنما جعل الماء العذب في الحلق ليسوغ له أكل الطعام و جعل الماء المالح في العينين إبقاء على شحمة العين لأن الشحم يبقى إذا وضع عليه الماء و أما الماء المر في الأذنين فلئلا تهجم الهوام على الدماغ .

    و من ذلك أنها إذا وصلت إلى الماء المر في الأذنين ماتت و ربما تعدى الماء المر و وصل إلى الدماغ .

    و من العجب أنه جاءت إلي امرأة تستفتيني في أن بعض الجراحين أراد أن يكسر قطعة من عظم رأسها حتى يظهر الدماغ و ذلك أن هامة تسمى هزارپا دخلت أذنها و هي نائمة فوصلت إلى الدماغ و إلى مخ الرأس فصارت تأكل منه و ربما سكنت و بقيت على هذا أعواما و ما أفتيت في حكاية كسر شي‏ء من قحفة رأسها و جاء في كتب الطب أنه وقع مثل هذا في زمن أفلاطون فأخذ الرجل إلى الحمام و رفع قطعة من قحفة رأسه و استخرج الهامة ثم وضع القحفة على حالها و هذا منه ليس بعجيب فقد روي عنه لما قلع القحفة و ظهر هزارپا في الدماغ أراد أن يتناوله بالمنقاش فقال له أحد تلاميذه لا تفعل فإنه محكم أيديه و أرجله في حجاب الدماغ فحمي له المنقاش و وضعه على ظهره حتى رفع رجليه من حجاب الدماغ فتناوله و رماه .

    و عنه (عليه السلام) : أول من قاس إبليس قال خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ و لو علم إبليس ما جعل الله في آدم لم يفتخر عليه ثم قال إن الله عز و جل خلق الملائكة من نور و خلق الجان من النار و خلق الجن صنفا من الجان من الريح و صنفا من الماء و خلق آدم من صفحة الطين ثم أجرى في آدم النور و النار و الريح و الماء فبالنور أبصر و عقل و فهم و بالنار أكل و شرب و لو لا النار في المعدة لم تطحن المعدة الطعام و لو لا أن الريح في جوف بني آدم تلهب نار المعدة لم تلتهب و لو لا أن الماء في جوف ابن آدم يطفئ حر المعدة لأحرقت النار جوف ابن آدم فجمع الله ذلك في آدم لخمس خصال و كانت في إبليس خمسة فافتخر بها .

    و عنه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن القبضة التي قبضها الله عز و جل من الطين الذي خلق منها آدم أرسل إليها جبرائيل (عليه السلام) أن يقبضها فقالت الأرض أعوذ بالله أن تأخذ مني شيئا فرجع إلى ربه و قال يا رب تعوذت بك مني فأرسل إليها إسرافيل فقالت مثل ذلك فأرسل إليها ميكائيل فقالت مثل ذلك فأرسل إليها ملك الموت فتعوذت بالله أن يأخذ منها شيئا فقال ملك الموت و إني أعوذ بالله أن أرجع إليه حتى أقبض منك .


    [25]
    أقول : جاء في الرواية أن الله سبحانه أمر ملك الموت على الحتم و يدل على أن أمره تعالى لمن تقدمه ليس على سبيل الحتم.

    و روىعلي بن إبراهيم بإسناده إلى الباقر (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إن الله تعالى لما أراد أن يخلق خلقا بيده و ذلك بعد ما مضى من الجن و الناس في الأرض سبعة آلاف سنة فكشف عن أطباق السماوات و قال للملائكة انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن و الناس فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي عظم ذلك عليهم فقالوا ربنا أنت العزيز القادر و هذا خلقك الضعفاء يعيشون برزقك و يعصونك و لا تنتقم لنفسك فلما سمع من الملائكة قال إني جاعل في الأرض خليفة يكون حجة في أرضي فقالت الملائكة سبحانك تجعل فيها من يفسد فيها كما أفسدت بنو الجان فاجعل ذلك الخليفة منا فإنا لا نعصيك و نسبح بحمدك و نقدس لك فقال عز و جل إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ أريد أن أخلق خلقا بيدي و أجعل من ذريته أنبياء و عبادا صالحين و أئمة مهديين أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي و أطهر أرضي من الناس و أنقل مردة الجن العصاة على خلقي و أسكنهم في الهواء و في أقطار الأرض و أجعل بين الجن و بين خلقي حجابا فقالت الملائكة يا ربنا افعل ما شئت فباعدهم الله من العرش مسيرة خمسمائة عام فلاذوا بالعرش و أشاروا بالأصابع فنظر الرب إليهم و نزلت الرحمة فوضع لهم البيت المعمور فقال طوفوا به و دعوا العرش فطافوا به و هو البيت الذي يدخله الجن كل يوم سبعون ألف ملك يعودون إليه أبدا فوضع الله البيت المعمور توبة لأهل السماء و وضع الكعبة توبة لأهل الأرض إلى أن قال ثم قبض الله سبحانه طينة آدم و أجرى فيها الطبائع الأربع الريح و الدم و المرة و البلغم فلزمه من ناحية الريح حب النساء و طول الأمل و الحرص و لزمه من ناحية البلغم حب الطعام و الشراب و البر و الحلم و الرفق و لزمه من ناحية المرة الغضب و السفه و الشيطنة و التجبر و التمرد و العجلة و لزمه من ناحية الدم حب النساء و اللذات و ركوب المحارم و الشهوات .

    أقول : قيل المراد بالريح السوداء و بالمرة الصفراء أو بالعكس أو المراد بالريح الروح و المرة الصفراء و السوداء معا إذ يطلق عليهما و تكرار حب النساء لمدخليتهما معا .

    و عن الرضا (عليه السلام) قال : كان نقش خاتم آدم لا إله إلا الله محمد رسول الله هبط به معه في الجنة .

    و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : أهل الجنة ليست لهم كنى إلا آدم (عليه السلام) فإنه يكنى بأبي محمد توقيرا و تعظيما .

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إن الله سبحانه خلق آدم (عليه السلام) من غير أب و أم و عيسى (عليه السلام) من غير أب ليعلم أنه قادر على أن يخلق من غير أب و أم و من غير

    [26]
    أب كما هو قادر على أن يخلق منهما و في قوله خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال لما أجرى الله الروح في آدم من قدميه فبلغت إلى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر فقال الله عز و جل خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ و قال سميت المرأة امرأة لأنها خلقت من المرء يعني خلقت منآدم (عليه السلام) و سمي النساء نساء لأنه لم يكن لآدم أنس غير حواء .

    و عن عبد العظيم الحسني قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أسأله عن علة الغائط و نتنه قال إن الله عز و جل خلق آدم (عليه السلام) و كان جسده طيبا و بقي أربعين سنة ملقى تمر به الملائكة فتقول لأمر ما خلقت و كان إبليس يدخل في فيه و يخرج من دبره فلذلك صار ما في جوف آدم منتنا خبيثا غير طيب.

    و عن أحدهما (عليهما السلام) أنه سئل عن ابتداء الطواف فقال : إن الله تبارك و تعالى لما أراد خلقآدم (عليه السلام) قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فقال ملكان من الملائكة أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَ يَسْفِكُ الدِّماءَ فوقعت الحجب فيما بينهما و بين الله عز و جل و كان تبارك و تعالى نوره ظاهرا للملائكة فلما وقعت الحجب بينه و بينهما علما أنه سخط من قولهما فقالا للملائكة ما حيلتنا و ما وجه توبتنا فقالوا ما نعرف لكما من التوبة إلا أن تلوذا بالعرش فلاذا بالعرش حتى أنزل الله توبتهما و رفعت الحجب فيما بينه و بينهما و أحب الله تبارك و تعالى أن يعبد بتلك العبادة فخلق الله البيت في الأرض و جعل على العباد الطواف حوله و خلق البيت المعمور في السماء .

    أقول : المراد من نوره تعالى الأنوار المخلوقة في عرشه أو أنوار الأئمة (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أنوار معرفته و فيضه فتكون حجبا معنوية .

    و في علل محمد بن سنان عن الرضا (عليه السلام) : أن الملائكة لما استغفروا من قولهم أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها و علموا أنهم أذنبوا فندموا و لاذوا بالعرش و استغفروا فأحب الله أن يتعبد بمثل تلك العبادة فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى الضراح ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى المعمور بحذاء الضراح ثم وضع البيت بحذاء البيت المعمور ثم أمرآدم (عليه السلام) فطاف به فتاب الله عليه و جرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة .

    و روي : أنه قيل لأبي عبد الله (عليه السلام) لم صار الطواف سبعة أشواط قال لأن الله تبارك و تعالى قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً فردوا على الله تبارك و تعالى و قالوا أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها و كان لا يحجبهم عن نوره فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام فلاذوا بالعرش سبعة آلاف فتاب عليهم و جعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة و وضع البيت الحرام تحت البيت المعمور فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد لكل ألف سنة شوطا واحدا .


    [27]
    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان الصرد دليل آدم (عليه السلام) من بلاد سرانديب إلى جدة شهرا و هو أول طائر صام لله تعالى .

    و سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف صارت الأشجار بعضها تحمل و بعضها لا تحمل فقال : كلما سبح آدم تسبيحا صارت له في الدنيا شجرة مع حمل و كلما سبحت حواء تسبيحة صارت لها في الدنيا شجرة من غير حمل .

    و سئل مما خلق الله الشعير فقال : إن الله تبارك و تعالى أمرآدم (عليه السلام) أن ازرع مما اختزنت لنفسك و جاء جبرئيل بقبضة من الحنطة فقبض آدم (عليه السلام) على قبضة و قبضت حواء على قبضة فقال آدم لحواء لا تزرعي أنت فلم تقبل قول [أمر] آدم و كلما زرع آدم (عليه السلام) جاء حنطة و كلما زرعت حواء جاء شعيرا.

    و روى الثقة علي بن إبراهيم بإسناده إلى أبي جعفر (عليه السلام) في قول الله وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً قال : عهد إليه في محمد و الأئمة من بعده (صلى الله عليه وآله وسلم) فترك و لم يكن له عزم فيهم أنهم هكذا و إنما سموا أولو العزم لأنه عهد إليهم في محمد و أوصيائه من بعده و القائم (عليه السلام) و سيرته فأجمع عزمهم أن كذلك و الإقرار به .

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : في قول الله تعالى وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَ صِهْراً إن الله تعالى خلق آدم (عليه السلام) من الماء العذب و خلق زوجته من سنخه فيراها من أسفل أضلاعه فجرى بذلك الضلع بينهما نسب ثم زوجها إياه فجرى بسبب ذلك بينهما صهر فذلك قوله نَسَباً وَ صِهْراً فالنسب ما كان من نسب الرجال و الصهر ما كان من سبب النساء .

    و قال : إن الله تعالى خلق آدم من الطين و خلق حواء من آدم فهمة الرجال الأرض و همة النساء في الرجال .

    و قال (عليه السلام) : لما بكى آدم (صلى الله عليه وآله وسلم) على الجنة كان رأسه في باب من أبواب السماء و كان يتأذى بالشمس فحط من قامته .

    و قال : إن آدم لما أهبط من الجنة و أكل من الطعام وجد في بطنه ثقلا فشكا ذلك إلى جبرئيل فقال يا آدم فتنح فنحاه فأحدث و خرج منه الثقل .

    و قال (عليه السلام) : أتى هذا البيت ألف آتية على قدميه منها سبعمائة حجة و ثلاثمائة عمرة .

    و عنه (عليه السلام) : لما أن خلق الله آدم أوقعه بين يديه فعطس فألهمه الله أن حمده فقال الله يا آدم حمدتني فو عزتي و جلالي لو لا عبدان أريد خلقهما في آخر الزمان ما خلقتك قال يا رب بقدرهم عندك ما اسمهما فقال تعالى يا آدم انظر نحو العرش فإذا بسطرين من نور أول السطر لا إله إلا الله محمد نبي الرحمة علي مفتاح الجنة و

    [28]
    السطر الثاني إني آليت على نفسي أن أرحم من والاهما و أعذب من عاداهما .

    و في قصص الأنبياء عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : اجتمع ولد آدم في بيت فتشاجروا فقال بعضهم خير خلق الله أبونا آدم و قال بعضهم الملائكة المقربون و قال بعضهم حملة العرش إذ دخل عليهم هبة الله فحكوا له فرجع إلى آدم (عليه السلام) و قال يا أبت إني دخلت على إخوتي و هم يتشاجرون في خير خلق الله فسألوني فلم يكن عندي ما أخبرهم فقال آدم يا بني إني وقفت بين يدي الله جل جلاله فنظرت إلى سطر على وجه العرش مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم محمد و آل محمد خير من برأ الله .

    و روى العياشي عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) من أي شي‏ء خلق الله حواء فقال أي شي‏ء يقولون هذا الخلق قلت يقولون إن الله خلقها من ضلع من أضلاع آدم فقال كذبوا كان يعجزه أن يخلقها من ضلعه فقلت جعلت فداك يا ابن رسول الله من أي شي‏ء خلقها فقال أخبرني أبي عن آبائي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الله تبارك و تعالى قبض قبضة من طين فخلطها بيمينه و كلتا يديه يمين فخلق منها آدم و فضلت فضلة من الطين فخلق منها حواء .

    أقول : هذا الخبر معمول عليه بين أصحابنا رضوان الله عليهم و ما ورد من أنه خلق من ضلع من أضلاعه و هو الضلع الأيسر القصير محول على التقية أو على التأويل أو بأن يراد أن الطينة التي قررها الله سبحانه لذلك الضلع خلق منها حواء لأنها خلقت منه بعد خلقه فإنه يلزم كما قال (عليه السلام) أن يكون آدم ينكح بعضه بعضا فيقوى بذلك مذهب المجوس في نكاح المحرمات.

    و عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن إبليس أ كان من الملائكة و هل كان يلي من أمر السماء شيئا قال لم يكن من الملائكة و لم يكن يلي من أمر السماء شيئا كان من الجن و كان مع الملائكة و كانت الملائكة تراه أنه منها و كان الله يعلم أنه ليس منها فلما أمر بالسجود كان منه الذي كان و قال (عليه السلام) لما خلق الله آدم قبل أن ينفخ فيه الروح كان إبليس يمر به فيضربه برجله و يقول إبليس لأمر ما خلقت .

    و قال السيد ابن طاوس في كتاب سعد السعود من صحائف إدريس النبي (عليه السلام) : خلق الله آدم على صورته التي صورها في اللوح المحفوظ .

    يقول علي بن طاوس فأسقط بعض

    [29]
    المسلمين بعض هذا الكلام و قال إن الله خلق آدم على صورته فاعتقد الجسم فاحتاج المسلمون إلى تأويل الحديث .

    و قال في الصحف ثم جعل طينة آدم جسدا ملقى على طريق الملائكة التي تصعد فيه إلى السماء أربعين سنة ثم ذكر تناسل الجن و فسادهم و هروب إبليس منهم إلى الله و سأله أن يكون مع الملائكة و إجابة سؤاله و ما وقع من الجن حتى أمر الله إبليس أن ينزل مع الملائكة لطرد الجن فنزل و طردهم من الأرض التي أفسدوا فيها إلى آخر كلامه .

    و اعلم أنهم ذكروا في أخبار الملائكة عن الفساد وجوها منها أنهم قالوا ذلك ظنا لما رأوا من حال الجن الذين كانوا قبل آدم في الأرض و هو المروي عن ابن عباس و في أخبارنا إرشاد إليه .

    و منها أنهم علموا أنه مركب من الأركان المتخالفة و الأخلاط المتنافية الموجبة للشهوة التي منها الفساد و الغضب منه سفك الدماء .

    و منها أنهم قالوا ذلك على اليقين لما يروي ابن مسعود و غيره أنه تعالى لما قال للملائكة إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قال ربنا و ما يكون الخليفة قال تكون له ذرية يفسدون في الأرض و يتحاسدون و يقتل بعضهم بعضا فعند ذلك قالوا ربنا أَ تَجْعَلُ فِيها إلى آخرها و منها أنه تعالى كان قد أعلم الملائكة أنه إذا كان في الأرض خلق عظيم أفسدوا فيها و سفكوا الدماء .

    و منها أنه لما كتب القلم في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة فلعلهم طالعوا اللوح فعرفوا ذلك .

    و منها أن الخليفة إذا كان معناه النائب عن الله في الحكم و القضاء و الاحتياج إنما يكون عند التنازع و اختلال النظام كان الإخبار عن وجود الخليفة إخبارا عن وقوع الفساد و الشر بطريق الالتزام .

    و منها أن الله سبحانه لما خلق النار خافت الملائكة خوفا شديدا فقالوا لمن خلقت هذه النار قال لمن عصاني من خلقي و لم يكن يومئذ خلق غير الملائكة فلما قال إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً عرفوا أن المعصية منهم و قد جوز الحشوية صدور الذنب من الملائكة و جعلوا اعتراضهم هذا على الله من أعظم الذنوب و نسبة بني آدم إلى القتل و الفساد من الكبائر لأنه غيبة لهم و لأنهم مدحوا أنفسهم بقولهم وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ و هو عجب .

    و أيضا قولهم لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا اعتذار و العذر دليل الذنب .

    و أيضا قوله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ دل على أنهم كانوا كاذبين فيما قالوه .

    و الجواب عن هذا كله ظاهر و هو أن ليس غرضهم الاعتراض بل السؤال عما خفي

    [30]
    عليهم من وجه الحكمة و ليس لمن لم يوجد غيبة .

    و في كتاب قصص الراوندي عن مقاتل بن سليمان قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) كم كان طولآدم (عليه السلام) حين هبط به إلى الأرض و كم كان طول حواء قال وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن الله عز و جل لما أهبط آدم و زوجته حواء إلى الأرض كانت رجلاه على ثنية الصفا و رأسه دون أفق السماء و أنه شكا إلى الله ما يصيبه من حر الشمس فصير طوله سبعين ذراعا بذراعه و جعل طول حواء خمسة و ثلاثين ذراعا بذراعها .

    و في الكافي بعد قوله من حر الشمس : فأوحى الله إلى جبرئيل (عليه السلام) أن آدم قد شكا ما يصيبه من حر الشمس فاغمزه غمزة و صير طوله سبعين ذراعا بذراعه و اغمز حواء فصير طولها خمسة و ثلاثين ذراعا بذراعها.

    أقول : هذا الحديث عده المتأخرون من مشكلات الأخبار لوجهين .

    الأول أن طول القامة كيف يصير سببا للتضرر بحر الشمس مع أن حرارة الشمس إنما تكون بالانعكاس من الأجرام الأرضية و حده أربعة فراسخ في الهواء .

    الثاني أن كونه (عليه السلام) سبعين ذراعا بذراعه يستلزم عدم استواء خلقته و أنه يتعسر عليه كثير من الأعمال الضرورية و أجيب الأول بوجهين أحدهما أن يكون للشمس حرارة من غير جهة الانعكاس أيضا و تكون قامته (عليه السلام) طويلة جدا بحيث تتجاوز الطبقة الزمهريرية و يتأذى من تلك الحرارة و يؤيده حكاية ابن عناق أنه كان يشوي بعين الشمس .

    الثاني أنه كان لطول قامته لا يمكنه الاستظلال ببناء و لا شجر و لا جبل فلا يمكنه الاستظلال و لا الجلوس تحت شي‏ء فكان يتأذى من حرارة الشمس لذلك .

    و أما الجواب عن الثاني فمن وجوه أكثرها فيه من التكلف ما أوجب الإعراض عن ذكره لبعده عن لفظ الحديث و معناه .

    و أما الوجوه القريبة فمنها ما ذكره بعض الأفاضل من أن استواء الخلقة ليس منحصرا فيما هو معهود الآن فإن الله تعالى قادر على خلق الإنسان على هيئات أخر كل منها فيه استواء الخلقة و ذراعآدم (عليه السلام) يمكن أن يكون قصيرا مع طول العضد و جعله ذا مفاصل أو لينا بحيث يحصل الارتفاق به و الحركة كيف شاء .

    و منها ما روي عن شيخنا بهاء الدين طاب ثراه من أن في الكلام استخداما بأن يكون المراد بآدم حين إرجاع الضمير إليه آدم ذلك الزمان من أولاده و لا يخفى بعده و عدم جريانه في حواء إلا بتكلف .

    و منها ما قاله شيخنا المحدث سلمه الله تعالى و هو أن إضافة الذراع إليهما على التوسعة

    [31]
    و المجاز بأن نسب ذراع صنف آدم إليه و صنف حواء إليها أو يكون الضميران راجعين إلى الرجل و المرأة بقرينة المقام .

    و منها أن الباء في قوله بذراعه للملابسة أي كما قصر من طوله قصر من ذراعه لتناسب الأعضاء و إنما خص الذراع لأن جميع الأعضاء داخلة في الطول بخلاف الذراع و المراد بالذراع في قوله سبعين ذراعا أما ذراع من كان في زمن آدم أو ما كان في زمن من صدر عنه الخبر .

    و الأوجه عندي هو الوجه الأول و ذلك لأن استواء الخلقة إنما يكون بالنسبة إلى أغلب أنواع ذلك العصر و الشائع في ذلك العصر روي أن موسى (عليه السلام) أرسل النقباء الاثني عشر ليأتوا له بخبر العمالقة حتى يغزوهم فلما قربوا من بلادهم رآهم رجل من العمالقة فوضع الاثني عشر رجلا في طرف كمه و حملهم إلى سلطانهم و صبهم بين يديه و قال هؤلاء من قوم موسى أ تأمرني أن أضع رجلي عليهم أقتلهم فقال اتركهم يرجعون إلى صاحبهم و يخبرونه بما يرون فطلبوا منه زادا للطريق فأعطاهم رمانة على ثور نصفها خال من الحب يضعونه فوق النصف الآخر الذي يأكلون منه و في الليل ينامون في النصف الخالي فهو في الليل منام و في النهار غطاء و كان قوم موسى بالنسبة إليهم غير مستوي الخلقة و كذا العكس .

    على أن الأخبار الواردة بصفات حور العين و ولدان الجنة و أكثر ما ورد فيها لو وجد في الدنيا لكان بعيدا عن استواء الخلقة .
    اميرالنجف
    اميرالنجف
    .
    .


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
    نقاط : 21216
    تاريخ التسجيل : 28/10/2012

    كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول  في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)  Empty رد: كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)

    مُساهمة من طرف اميرالنجف السبت نوفمبر 10, 2012 6:28 am





    الفصل الثاني
    في سجود الملائكة و له معناه و أنها أية جنة كانت و معنى تعليمه الأسماء



    قال الله تعالى وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَ اسْتَكْبَرَ وَ كانَ مِنَ الْكافِرِينَ .
    و قال عز شأنه ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ و قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ .

    و قال عز جلاله رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ

    [32]
    و قوله فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ .


    في مجمع البيان روي عن ابن عباس : أن الملائكة كانت تقاتل الجن فسبي إبليس و كان صغيرا و كان مع الملائكة فتعبد معها بالأمر بالسجود لآدم فسجدوا و أبى فلذلك قال الله تعالى إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ .

    و روي عن طاوس و مجاهد : أن إبليس كان قبل أن يرتكب المعصية ملكا من الملائكة اسمه عزرائيل و كان من سكان الأرض و كان سكان الأرض من الملائكة يسمون الجن و لم يكن من الملائكة أشد اجتهادا و لا أكثر علما منه فلما عصى الله لعنه و جعله شيطانا و سماه إبليس و كان من الكافرين في علم الله .

    قال ابن عباس : أول من قاس إبليس فأخطأ القياس فمن قاس الدين بشي‏ء من رأيه قرنه الله بإبليس .

    و قوله أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ يعني يخرجون من قبورهم للجزاء أراد الخبيث أن لا يذوق الموت في النفخة الأولى و أجيب بالإنظار إلى يوم الوقت المعلوم و هي النفخة الأولى ليذوق الموت بين النفختين و هو أربعون سنة .

    و قوله فَبِما أَغْوَيْتَنِي أي خيبتني من رحمتك و جنتك و امتحنتني بالسجود لآدم فغويت عنده أو حكمت بغوايتي و هذا كله تأويل و الظاهر أنه كان يعتقد أن الإضلال عن الله تعالى و هو من جملة اعتقاداته الخبيثة .

    و تعجبني مقالة حكيتها في كتاب زهر الربيع و هي أني تباحثت مع علماء الجمهور فانتهى الحال إلى قوله إن الشيطان كان من أهل العلم فما مذهبه فقلت إنه كان في الأصول من الأشاعرة و في الفروع من الحنفية فتعجب من قولي فقال و ما الدليل قلت أما الأول فقوله فَبِما أَغْوَيْتَنِي فنسب الإضلال و الإغواء إلى الله تعالى و هذا هو مذهب الجبرية من الأشاعرة .

    و أما الثاني فعمله بالقياس في قوله أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ فعمل بقياس الأولوية زعما منه أن السجود إنما يكون للأشرف الأفضل و هو بزعمه أفضل من آدم لأنه مخلوق من النار و هي أشرف من الطين .

    و الحاصل أن مذهب الشيطان أفضل من مذهب الحنفية لأنه يعمل بقياس الأولوية و أبو حنيفة كان يعمل بقياس المساواة الذي هو أضعف القياسات و أردؤها .

    و قوله ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ .

    روى أبو جعفر (عليه السلام) قال : ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ

    [33]
    بَيْنِ أَيْدِيهِمْ معناه أهون عليهم أمر الآخرة و من خلفهم آمرهم بجمع الأموال و البخل بها عن الحقوق لتبقى لورثتهم و عن أيمانهم أفسد عليهم أمر دينهم بتزيين الضلالة و تحسين الشبهة و عن شمائلهم بتحبب اللذات إليهم و تغليب الشهوات على قلوبهم .

    و في كتاب الخرائج في حديث طويل عن أبي محمد العسكري (عليه السلام) و فيه : أنه لا أحد من محبي علي (عليه السلام) نظف قلبه من قذر الغش و الدغل و الغل و نجاسة الذنوب إلا لكان أطهر و أفضل من الملائكة .

    و في جواب مسائل الزنديق عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه سئل : أ يصلح السجود لغير الله قال لا قال فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم فقال إن من سجد بأمر الله فكان سجوده إذ كان عن أمر الل.

    و في حديث آخر عنه (عليه السلام) : سجدت الملائكة لآدم و وضعوا جباههم على الأرض تكرمة من الله .

    و عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام) : إن السجود من الملائكة لآدم لم يكن لآدم إنما كان طاعة لله و محبة منهم لآدم.

    و في الخرائج عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) : أن يهوديا سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معجزة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مقابلة معجزات الأنبياء فقال هذا آدم أسجد الله له ملائكته فهل فعل بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) شيئا من هذا فقال علي (عليه السلام) لقد كان ذلك و لكن أسجد الله لآدم ملائكته لم يكن سجود طاعة إنهم عبدوا آدم من دون الله عز و جل و لكل اعترافا لآدم بالفضيلة و رحمة من الله له و محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطي ما هو أفضل من هذا إن الله جل و علا صلى عليه في جبروته و الملائكة بأجمعها و تعبد المؤمنون بالصلاة عليه فهذه زيادة له يا يهودي .

    أقول : اتفق علماء الإسلام على أن ذلك السجود لآدم (عليه السلام) لم يكن سجود عبادة و إلا لحصل الشرك لكنهم ذكروا فيه أقوالا .

    الأول أن ذلك السجود كان لله تعالى و آدم (عليه السلام) كان قبلة و هو قول أبي علي الجبائي و جماعة .

    الثاني أن السجود في اللغة هو الانقياد و الخضوع فهذا هو السجود لآدم .

    و يبعده مع أنه خلاف التبادر قوله تعالى فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ و كذلك الحديث السابق الثالث أن السجود كان تعظيما لآدم (عليه السلام) و تكرمة و هو في الحقيقة عبادة لله تعالى

    [34]
    لكونه بأمره و هذا هو الأظهر من الأخبار و قال علي بن إبراهيم : طاب ثراه إن الاستكبار أول معصية عصي الله بها قال إبليس يا رب اعفني من السجود لآدم و أنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرب و لا نبي مرسل فقال الله تعالى لا حاجة لي إلى عبادتك إنما أريد من حيث أريد لا من حيث تريد فأبى أن يسجد فقال الله تعالى فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ قال إبليس كيف يا رب و أنت العدل الذي لا تجور فثواب عملي بطل قال لا و لكن سلني من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك أعطك فأول ما سأل البقاء إلى يوم الدين فقال الله تعالى قد أعطيتك قال سلطني على ولد آدم قال سلطتك قال أجرني فيهم مجرى الدم في العروق قال قد أجريتك قال لا يولد لهم واحد إلا ولد لي اثنان و أراهم و لا يروني و أتصور لهم في كل صورة شئت فقال قد أعطيتك قال يا رب زدني قال لقد جعلت لك و لذريتك صدورهم أوطانا قال رب حسبي قال إبليس عند ذلك فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ..... الآية .

    قال أبو عبد الله (عليه السلام) : لما أعطى الله تبارك و تعالى إبليس ما أعطاه من القوة قال آدم (عليه السلام) يا رب سلطت إبليس على ولدي و أجريته فيهم مجرى الدم في العروق و أعطيته ما أعطيته فما لي و ولدي فقال لك و لولدك السيئة بواحدة و الحسنة بعشرة أمثالها قال يا رب زدني قال التوبة مبسوطة إلى أن تبلغ النفس الحلقوم قال يا رب زدني قال أغفر و لا أبالي قال حسبي قال جعلت فداك بما ذا استوجب إبليس من الله أن أعطاه ما أعطاه فقال بشي‏ء كان منه شكره الله تعالى عليه قلت و ما كان منه جعلت فداك قال ركعتين ركعهما في السماء في أربعة آلاف سنة .

    أقول : و في نهج البلاغة من قوله (عليه السلام) إنه صلى ركعتين في السماء في ستة آلاف سنة لا يدرى أ من سني الدنيا أم سني الآخرة .

    و على هذا فلو كان من سني الآخرة لبلغ من السنين شيئا كثيرا .

    و اعلم أن جماعة من الصوفية قد شكروا لإبليس إباءه عن السجود لآدم قالوا إنه أراد اختصاص السجود بالله تعالى فسموه من أجل هذا سيد الموحدين عليه و عليهم لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين .

    و في كتاب فضائل الشيعة للصدوق طاب ثراه بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : كنا جلوسا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أقبل إليه رجل فقال يا رسول الله أخبرني عن قول الله

    [35]
    عز و جل لإبليس أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ فمن هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين كنا في سرادق العرش نسبح و تسبح الملائكة بتسبيحنا قبل أن خلق الله عز و جل آدم بألفي عام فلما خلق الله عز و جل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له و لم يأمرنا بالسجود فسجد الملائكة كلهم إلا إبليس فقال الله تبارك و تعالى أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ من هؤلاء الخمس المكتوبة أسماؤهم في سرادق العرش .

    و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : إنما كان لبث آدم و حواء في الجنة حتى أخرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أهبطهما الله من يومهما ذلك .

    و في كتاب علل الشرائع عن وهب قال : لما أسجد الله الملائكة لآدم (عليه السلام) و أبى إبليس أن يسجد قال له ربه عز و جل اخرج منها ثم قال عز و جل يا آدم انطلق إلى هؤلاء الملأ من الملائكة فقل السلام عليكم و رحمة الله و بركاته فسلم عليهم فقالوا و عليك السلام و رحمة الله و بركاته فلما رجع إلى ربه قال له ربه تبارك و تعالى هذه تحيتك و تحية ذريتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة .

    علل الشرائع مسندا إلى الصادق (عليه السلام) قال : سألته عن جنة آدم فقال جنة من جنان الدنيا تطلع منها الشمس و القمر و لو كانت من جنان الخلد ما خرج منها أبدا .

    و روى علي بن إبراهيم مثله أيضا .

    و قد وقع الاختلاف بين علماء المسلمين في أن جنة آدم (عليه السلام) هل كانت في الأرض أم في السماء و على الثاني هل هي جنة الخلد و الجزاء أم غيرها .

    ذهب أكثر المفسرين و جمهور المتعلمة إلى أنها جنة الخلد و هو ظاهر أكثر علمائنا رضوان الله عليهم .

    و قال أبو هاشم جنة من جنان الدنيا غير جنة الخلد و ذهب طائفة من علماء المسلمين إلى أنها بستان من بساتين الدنيا في الأرض كما دل عليه الخبر .

    احتج الأولون بالتبادر و عهدية الألف و اللام و لا يخفى ما فيه .

    و احتجت الفرقة الثانية بأن الهبوط يدل على الإهباط من السماء إلى الأرض و ليست بجنة الخلد لأن من دخلها خلد فيها فلزم المطلوب .

    و الجواب الانتقال من أرض إلى أرض أخرى يسمى هبوطا كقوله تعالى اهْبِطُوا مِصْراً .

    و احتج القائلون بأنها من بساتين الدنيا بأن جنة الخلد لا يخرج داخلها و لا يفنى نعيمها .

    و أجيب عنه بأنه إنما يمكن بعد الدخول و الاستقرار و ذكروا في الكتب الكلامية

    [36]
    دلائل متكثرة على ما ساروا إليه و هذان الخبران يعارضهما ظواهر الآيات و الأخبار مع إمكان حملهما على التقية .

    و عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) : أ كان إبليس من الملائكة أم من الجن قال كانت الملائكة ترى أنه منها و كان الله يعلم أنه ليس منها فلما أمر بالسجود كان منه الذي كان .

    أقول : اختلف علماء الإسلام في أن إبليس هل كان من الملائكة أم لا فأكثر المتكلمين و كثير من علمائنا كالشيخ المفيد طاب ثراه على أنه لم يكن من الملائكة بل كان من الجن قال و قد جاءت الأخبار متواترة عن أئمة الهدى س و هو مذهب الإمامية و ذهبت طائفة إلى أنه من الملائكة و اختاره شيخ الطائفة في التبيان قال و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) و الظاهر في تفاسيرنا .

    ثم اختلفت الطائفة الأخيرة .

    فقيل إنه كان خازنا للجنان .

    و قيل : كان له سلطان السماء و سلطان الأرض .

    و قيل : كان يسوم ما بين السماء و الأرض و ما صار إليه المفيد طاب ثراه هو مدلول الأحاديث المستفيضة .

    و العياشي مسندا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال : أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة لما أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم سجدوا على ظهر الكوفة .

    و في تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) قال : إن الله لما امتحنالحسين (عليه السلام) و من معه بالعسكر الذين قتلوه و حملوا رأسه قال لعساكره أنتم في حل من بيعتي فالحقوا بعشائركم و قال لأهل بيته قد جعلتكم في حل من مفارقتي فإنكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم و ما المقصود غيري فدعوني و القوم فإن الله يعينني كعادته في أسلافنا فأما عسكره ففارقوه و أما أهله الأدنون فأبوا و قالوا لا نفارقك فقال لهم فإن كنتم قد وطنتم أنفسكم على ما وطنت نفسي عليه فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره و إن الله خصني مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا من الكرامات بما يسهل معها احتمال المكروهات و إن لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى و اعلموا أن الدنيا حلوها و مرها حلم و الانتباه في الآخرة أ و لا أحدثكم بأول أمرنا قالوا بلى يا ابن رسول الله قال إن الله تعالى لما خلق آدم علمه أسماء كل شي‏ء و عرضهم على الملائكة

    [37]
    جعل محمدا و عليا و فاطمة و الحسن و الحسين أشباحا خمسة في ظهر آدم و كانت أنوارهم تضي‏ء في آفاق السماوات و الحجب و الجنان و الكرسي و العرش فأمر الله الملائكة بالسجود لآدم تعظيما له إنه قد فضله بأنه جعله وعاء لتلك الأشباح التي عمت أنوارها في الآفاق فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لأنوارنا أهل البيت و قد تواضعت الملائكة .

    و في حديث علي بن الحسين : أن آدم نظر إلى ذروة العرش فرأى نور أشباحنا فقال الله تعالى يا آدم هذه الأشباح أفضل خلائقي و عرفه أسماءهم و قال بهم آخذ و بهم أعطي و بهم أعاقب و بهم أثيب فتوسل بهم يا آدم و إذا دهتك داهية فاجعلهم إلي شفعاءك فإني آليت على نفسي لا أرد لهم سائلا فلذلك حين نزلت منه الخطيئة دعا الله عز و جل بهم فتاب علي.

    و عن إسحاق بن جرير قال أبو عبد الله (عليه السلام) : أي شي‏ء يقول أصحابك في قول إبليس خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قلت جعلت فداك قد قال و ذكره الله في كتابه قال كذب يا إسحاق ما خلقه الله إلا من طين ثم قال قال الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ خلقه الله من تلك النار من تلك الشجرة و الشجرة أصلها من طين .

    علي بن إبراهيم بإسناده إلى الصادق (عليه السلام) في قول الله تبارك و تعالى إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ : يوم يذبحه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على الصخرة التي في بيت المقدس .

    أقول : يشير إلى أن إنظاره إلى يوم خروج القائم (عليه السلام) و هو القيامة الصغرى و الأخبار المستفيضة دالة عليه .
    اميرالنجف
    اميرالنجف
    .
    .


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
    نقاط : 21216
    تاريخ التسجيل : 28/10/2012

    كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول  في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)  Empty رد: كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)

    مُساهمة من طرف اميرالنجف السبت نوفمبر 10, 2012 6:35 am





    الفصل الثالث
    في أن ذنبه كان ترك الأولى و كيفية قبول توبته
    و الكلمات التي تلقاها من ربه و كيفية نزوله من الجنة و حزنه عليها



    في كتاب النبوة أن الله تعالى خلق آدم من الطين و خلق حواء من آدم فهمة الرجال الماء و الطين و همة النساء الرجال .

    و في العلل و الأمالي مسندا إلى الحسن بن علي (عليه السلام) قال :

    [38]
    جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألوه عن مسائل فقالوا أخبرنا عن الله لأي شي‏ء وقت هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل و النهار فأجاب إلى أن قال و أما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها من الشجرة فأخرجه الله من الجنة فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة و اختارها لأمتي فهي من أحب الصلوات إلى الله عز و جل و أوصاني أن أحفظها من بين الصلوات و أما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم و كان بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب الله عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا و في أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء فصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته و ركعة لخطيئة حواء و ركعة لتوبته فافترض الله عز و جل هذه الثلاث ركعات على أمتي ثم قال فأخبرني لأي شي‏ء توضأ هذه الجوارح الأربع و هي أنظف المواضع في الجسد و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أن وسوس الشيطان إلى آدم و دنا من الشجرة و نظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام و هو أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده ثم مسها فأكل منها فطار الحلي و الحلل عن جسده ثم وضع يده على رأسه و بكى فلما تاب الله عليه فرض الله عليه و على ذريته الوضوء على الجوارح الأربع و أمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة و أمره أن يغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناوله منها و أمره أن يمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ثم قال أخبرني لأي شي‏ء فرض الله الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما و فرض الله على آدم أكثر من ذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أكل آدم من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما و فرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع و العطش و الذي يأكلونه تفضل من الله عز و جل عليهم و كذلك كان على آدم ففرض الله على أمتي ذلك ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ .

    تفسير علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه و بينآدم (عليه السلام) فجمع فقال له موسى يا أبت أ لم يخلقك الله بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك ملائكته و أمرك أن لا تأكل من الشجرة فلم عصيته قال يا موسى بكم وجدت [حل على] قبل خلقي في التوراة قال بثلاثين سنة قال فهو نسلك قال الصادق (عليه السلام) فحج آدم موسى (عليه السلام) .

    أقول : وجد أن الخطيئة قبل الخلق أما في عالم الأرواح كما قيل بأن تكون روح موسى (عليه السلام) اطلعت على ذلك في اللوح أو المراد أنه وجد في التوراة أن تقدير خطيئة آدم (عليه السلام) كان قبل خلقه بثلاثين سنة و في الأخبار دلالة عليه و قوله فحج أي غلبه في الحجة .


    [39]
    و هذا من فروع مسألة القضاء و القدر و راجع إلى العلم القديم و هي المعركة الكبرى بين علماء الإسلام و ضل به خلق كثير و طوائف لا تحصى فوردوا النار بهاتين المسألتين .

    و عنه (عليه السلام) : لما خرج آدم من الجنة نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال يا آدم أ ليس الله خلقك بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك الملائكة و زوجك حواء أمته و أسكنك الجنة و أباحها لك و نهاك مشافهة أن لا تأكل من الشجرة فأكلت منها و عصيت الله فقال آدم (عليه السلام) إن إبليس حلف لي بالله أنه لي ناصح فما ظننت أن أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا.

    معاني الأخبار و عيون الأخبار بإسناده إلى الهروي قال : قلت للرضا (عليه السلام) يا ابن رسول الله أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم و حواء ما كانت فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروي أنها الحنطة و منهم من يروي أنها العنب و منهم من يروي أنها شجرة الحسد فقال كل ذلك حق قلت فما معنى هذه الوجوه على اختلافها فقال يا أبا الصلت إن شجرة الجنة تحمل أنواعا فكانت شجرة الحنطة و فيها عنب و ليست كشجرة الدنيا و إن آدم (عليه السلام) لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته و بإدخاله الجنة قال في نفسه هل خلق الله بشرا أفضل مني فعلم الله عز و جل ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة فقال آدم (عليه السلام) يا رب من هؤلاء فقال عز و جل من ذريتك و هم خير منك و من جميع خلقي و لولاهم ما خلقتك و لا خلقت الجنة و النار و لا السماء و الأرض فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد و تمنى منزلتهما فتسلط الشيطان عليه حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها و تسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة (عليها السلام) بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل منها آدم فأخرجهما الله عز و جل عن جنته و أهبطهما عن جواره إلى الأرض .

    أقول : اختلفوا في الشجرة التي ورد النهي عنها فقيل كانت السنبلة .

    و رووه عن ابن عباس و يدل عليه بعض الأخبار و قيل هي الكرمة و قيل شجرة الكافور .

    و قيل التينة و قيل شجرة العلم علم الخير و الشر و قيل هي شجرة الخلد التي كانت

    [40]
    تأكل منها الملائكة و الكل مروي في الأخبار و هذه الرواية تجمع بين الروايات و أكثر الأقوال و سيأتي ما هو أجمع للأقوال و الأخبار و المراد بالحسد هنا الغبطة التي تركها هو الأولى و قوله و تمنى منزلتهم دال عليه و حينئذ فمعنى شجرة الحسد الشجرة التي كان سبب الأكل منها الحسد .

    علل الشرائع بإسناده إلى الباقر (عليه السلام) قال : لو لا أن آدم أذنب ما أذنب مؤمن أبدا و لو لا أن الله عز و جل تاب على آدم ما تاب على مذنب أبدا.

    و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) : لما أهبط الله آدم من الجنة ظهرت فيه شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه فطال حزنه و بكاؤه على ما ظهر به فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال ما يبكيك يا آدم قال لهذه الشامة التي ظهرت بي قال قم فصل فهذا وقت الأولى فقام فصلى فانحطت الشامة إلى صدره فجاءه في الصلاة الثانية فقال يا آدم قم فصل فهذه وقت الصلاة الثانية فقام فصلى فانحطت الشامة إلى سرته فجاء في الصلاة الثالثة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الثالثة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى ركبتيه فجاءه في الصلاة الرابعة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الرابعة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى رجليه فجاءه في الصلاة الخامسة فقال آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الخامسة فقام فصلى فخرج منها فحمد الله و أثنى عليه فقال جبرئيل (عليه السلام) يا آدم مثل ولدك في هذه الصلاة كمثلك في هذه الشامة من صلى من ولدك في كل يوم و ليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة .

    و فيه أنه سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) لم صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قال : من قبل السنبلة كان عليها ثلاث حبات فبادرت إليها حواء فأكلت منها حبة و أطعمت آدم حبتين فمن أجل ذلك ورث الذكر مثل حظ الأنثيين .

    و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) : كيف صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قال لأن الحبات التي أكل منها آدم و حواء في الجنة كانت ثماني عشرة أكل آدم منها اثنتي عشرة حبة و أكلت حواء ستا فلذلك صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين.

    أقول : يجمع بين الخبرين بحمل ما تقدم على أول سنبلة أخذاها كذلك حتى صار ثماني عشرة أو المراد أنها كانت على شعبة فيها ثلاث حبات و كانت الشعبة ست .

    و عنه (عليه السلام) : في حديث طويل قال فيه إن آدم جاء من الهند و كان موضع قدميه حيث يطأ عليه العمران و ما بين القدم إلى القدم صحاري ليس فيها شي‏ء ثم جاء إلى البيت فطاف الحديث .


    [41]
    و في ذلك الكتاب عن ابن مسعود و سئل عن أيام البيض ما سببها قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إن آدم لما عصى ربه عز و جل ناداه مناد من لدن العرش يا آدم اخرج من جواري فإنه لا يجاورني أحد عصاني فبكى و بكت الملائكة فبعث الله عز و جل إليه جبرئيل فأهبطه إلى الأرض مسودا فلما رأته الملائكة ضجت و بكت و انتحبت و قالت يا رب خلقا خلقته و نفخت فيه من روحك و أسجدت له ملائكتك فبذنب واحد حولت بياضه سوادا فنادى مناد من السماء صم لربك اليوم فصام فوافق يوم الثالث عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ثم نودي يوم الرابع عشر أن صم لربك فصام فذهب ثلثا السواد ثم نودي في اليوم الخامس عشر بالصيام فصام و قد ذهب السواد كله فسميت أيام البيض التي رد الله فيها على آدم من بياضها ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة أيام جعلتها لك و لولدك من صامها في كل شهر فإنما صام الدهر ثم قال فأصبح آدم و له لحية سوداء كالحمم فصرف يده إليها فقال يا رب ما هذه فقال هذه اللحية زينتك بها أنت و ذكور ولدك إلى يوم القيامة .

    معاني الأخبار بإسناده إلى المفضل قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم (صلى الله عليه وآله وسلم) فعرضها على السماوات و الأرض و الجبال فغشيها نورهم فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال فهؤلاء حججي على خلقي لهم و لمن تولاهم خلقت جنتي و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري فمن ادعى منزلتهم مني و محلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين و من أقر بولايتهم و لم يدع منزلتهم مني جعلته معهم في روضات جناتي فولايتهم أمانة عند خلقي فأيكم يحملها و بأثقالها يدعيها لنفسه دون خبرتي فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن من ادعاء منزلتها و تمني محلها من عظمة ربها فلما أسكن الله عز و جل آدم و زوجته الجنة قال لهما كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فنظرا إلى منزلة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا يا ربنا لمن هذه المنزلة فقال الله جل جلاله ارفعا رأسيكما إلى ساق العرش فرفعا رأسيهما فوجدا اسم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم (صلى الله عليه وآله وسلم) مكتوبة من ساق العرش من نور الجبار جل جلاله فقالا يا ربنا ما أكرم هذه المنزلة عليك فقال لولاهم لما خلقتكما إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم عندي فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ قالا ربنا و من الظالمون قال المدعون لمنزلتهم بغير حق قالا ربنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما

    [42]
    رأينا منزلتهم في جنتك فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان العذاب فأوحى الله إليهما يا آدم و يا حواء لا تنظرا إلى أنوار حججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه فلما أكلا من الشجرة طار الحلي و الحلل عن أجسادهما و بقيا عريانين فناداهما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش فلما أراد الله عز و جل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل (عليه السلام) فقال لهما إنكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه فاسألا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما فقالا اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلا تبت علينا و رحمتنا فتاب الله عليهما فلم تزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصياءهم و المخلصين من أممهم فيأبون حملها و يشفقون من ادعائها و حملها الإنسان الذي قد عرفت فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة و ذلك قول الله عز و جل إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا .

    أقول : لا يتوهم أن آدم (عليه السلام) صار يتمنى منزلتهم من الظالمين المدعين لمنزلتهم حتى يستحق بذلك أليم النكال فإن في عده من الظالمين هنا نوعا من التجوز لأنه تشبه بهم في التمني و مخالفة الأمر الندبي لا في ادعاء المنزلة و غصبها و القتل عليها و حمل الأمانة غير حفظها كما يدل عليه قوله فلم تزل أنبياء الله يحفظون هذه الأمانة إلى قوله فيأبون حملها فالمراد بحملها ادعاؤها بغير حق و غصبها و قال الزجاج كل من خان الأمانة فقد حملها و من لم يحمل الأمانة فقد أداها فآدم (عليه السلام) لم يكن من الحاملين للأمانة على ما ذهب إليه بعض المفسرين و فسروا الإنسان بآدم و قوله الذي قد عرفت هو الأول و هذا مشهور لا أصل له لأن الثاني .

    كما قال الصادق (عليه السلام) : سيئة من سيئات الأول .

    وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .

    و عن ابن عباس قال : لما خلق الله تعالى آدم و نفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله

    [43]
    الحمد لله رب العالمين فقال له ربه يرحمك ربك فلما أسجد له ملائكته تداخله العجب فقال يا رب خلقت خلقا أحب إليك مني فلم يجب ثم قال الثالثة فلم يجب ثم قال الله عز و جل له نعم لولاهم ما خلقتك فقال يا رب فأرينهم فأوحى الله عز و جل إلى ملائكة الحجب أن ارفعوا الحجب فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش فقال يا رب من هؤلاء قال يا آدم هذا محمد نبي و هذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبي و وصيه و هذه فاطمة ابنة نبي و هذان الحسن و الحسين ابنا علي و ولدا ابنة نبي ثم قال يا آدم هم ولدك ففرح بذلك فلما اقترف الخطيئة قال يا رب أسألك بمحمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين لما غفرت لي فغفر الله له بهذا فهذا الذي قال الله عز و جل فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ فلما هبط إلى الأرض صاغ خاتما فنقش عليه محمد رسول الله و علي أمير المؤمنين و يكنى آدم بأبي محمد (عليه السلام) .

    معاني الأخبار بإسناده إلى الصادق (عليه السلام) قال : لقد طاف آدم (عليه السلام) بالبيت مائة عام ما ينظر إلى وجه حواء و لقد بكى على الجنة حتى صار على خديه مثل النهرين العظيمين من الدموع و لقد قام على باب الكعبة ثيابه جلود الإبل و البقر فقال اللهم أقلني عثرتي و اغفر لي ذنبي و أعدني إلى الدار التي أخرجتني منها فقال الله عز و جل قد أقلتك عثرتك و غفرت لك ذنبك و سأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها.

    أقول : فيه دلالة على أن الجنة التي أخرج منها هي جنة الخلد لأنها التي سيعود إليها و كذلك الأخبار السابقة و ما بمعناها الدالة على أنه نظر إلى منزلة محمد و علي و إلى أنه رآهم مكتوبين على أركان العرش فإن العرش سقف لجنة الخلد كما جاء في الحديث أن الجنة فوق السماء و سقفها العرش و التأويل بالجمل على أنها جنة البرزخ التي تأوي أرواح المؤمنين بعيد لما عرفت و حينئذ فطريق الجمع ما مر من حمل الأخبار الدالة على أنها من بساتين الدنيا على التقية .

    و في ذلك الكتاب الحديث عن الصادق (عليه السلام) .

    و فيه أن الكلمات التي تلقاهاآدم (عليه السلام) فتاب عليه هي النبي و أهل بيته (عليه السلام) ثم قال المفضل فما يعني عز و جل بقوله فَأَتَمَّهُنَّ قال يعني أتمهن إلى القائم (عليه السلام) اثني عشر إماما تسعة من ولدالحسين (عليه السلام) .

    أقول ورد أن الكلمات هي قوله تعالى رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ... الآية .

    و ورد أيضا أنها قوله سبحانك اللهم و بحمدك و تبارك اسمك و تعالى جدك الدعاء .

    و ورد غيره أيضا .


    [44]
    و الجمع بين الروايات الجمع بينها إلا أن الأصل هو ما روي عن السادة الأطهار (صلى الله عليه وآله وسلم) من أنها أسماؤهم .

    و في الحديث : أن آدم (عليه السلام) لما كثر ولده و ولده كانوا يتحدثون عنده و هو ساكت فقالوا يا أبة ما لك لا تتكلم فقال يا بني إن الله جل جلاله لما أخرجني من جواره عهد إلي و قال أقلل كلامك ترجع إلى جواري .

    قصص الراوندي بإسناده إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال : ن آدم (عليه السلام) نزل بالهند فبنى الله تعالى له البيت فلما خطا من الهند فكان موضع قدميه حيث خطا عمران و ما بين القدم و القدم صحاري .

    أقول : المشهور في الأخبار عن السادة الأطهار (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نزولآدم (عليه السلام) كان على الصفا و نزول حواء على المروة و هذا الخبر و ما روي بمعناه يدل على أن نزولهما كان بالهند و حمله بعض أهل الحديث على التقية لأنه المشهور بين العامة أن آدم (عليه السلام) هبط على جبل في سرنديب يقال له نود و حواء هبطت في جدة مع أنه يمكن أن يقال إن هبوطهما على الصفا و المروة بعد دخولهما مكة من اهبطوا مصرا .

    العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه و بين آدم (عليه السلام) حيث عرج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل فقال له موسى يا أبت أنت الذي خلقك الله بيده و أباح لك جنته ثم نهاك عن شجرة واحدة فلم تصبر عنها حتى أهبطت إلى الأرض بسببها فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها حتى أغراك إبليس فأطعته فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك فقال آدم (عليه السلام) ارفق بأبيك يا بني فيما لقي من أمر هذه الشجرة يا بني إن عدوي أتاني من وجه المكر و الخديعة فحلف لي بالله إنه في مشورته علي لمن الناصحين و ذلك أنه قال لي منتصحا إني لشأنك يا آدم لمغموم قلت و كيف قال قد كنت أنست بك و بقربك مني و أنت تخرج مما أنت فيه إلى ما أستكرهه فقلت له و ما الحيلة فقال إن الحيلة هو ذا معك أ فلا أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى فكلا منها أنت و زوجك فتصيرا معي في الجنة أبدا من الخالدين و حلف لي بالله كاذبا إنه لمن الناصحين و لم أظن يا موسى أن أحدا يحلف بالله كاذبا فوثقت بيمينه فهذا عذري فأخبرني يا بني هل تجد فيما أنزل الله أن خطيئتي كائنة من قبل أن أخلق قال له موسى بدهر طويل قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحج آدم موسى قال ذلك ثلاثا .

    أقول : أما أن تلك الشجرة شجرة الخلد فهو غير كاذب فيما قاله إلا أن من أكلها أفادته

    [45]
    الخلد في الجنة إذا كان الأكل مباحا منها يكون مأمورا به و إذا كان الأكل منهيا عنه يكون أثره المترتب عليه ما وقع على آدم من إخراجه من الجنة في ذلك اليوم و قوله بدهر طويل يرجع حاصله إلى أن الله سبحانه علم بذنب آدم و قدره موافقا للعلم القديم كما هو حال جميع مقدرات الله سبحانه و مقدراته .

    العياشي عن عبد الله بن سنان قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر كم لبث آدم (عليه السلام) و زوجته في الجنة حتى أخرجهما منها فقال إن الله تبارك و تعالى نفخ في آدم روحه بعد زوال الشمس من يوم الجمعة ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه ثم أسجد له ملائكته و أسكنه جنته من يومه ذلك فو الله ما استقر فيها إلا ست ساعات في يومه ذلك حتى عصى الله فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس و ما باتا فيها و صيرا بفناء الجنة حتى أصبحا فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ فاستحى آدم من ربه و خضع و قال رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا و اعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا قال الله لهما اهبطا من سماواتي إلى الأرض فإنه لا يجاورني في جنتي عاص و لا في سماواتي .

    و قال أبو عبد الله (عليه السلام) : إن آدم لما أكل من الشجرة ذكر ما نهاه الله عنها فندم فذهب ليتنحى من الشجرة فأخذت الشجرة برأسه فجرته إليها و قالت له أ فلا كان فرارك قبل أن تأكل مني .

    و في هذا الحديث دلالة على أن تلك الجنة كانت في السماء و الظاهر أنها شجرة الخلد .

    و في تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ : شجرة العلم شجرة علم محمد و آل محمد آثرهم الله تعالى به على سائر خلقه فقال الله تعالى وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ شجرة العلم فإنها لمحمد و آله خاصة دون غيرهم لا يتناول منها بأمر الله إلا و هم منها ما كان يتناوله النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم المسكين و اليتيم و الأسير حتى لم يحسوا بعد بجوع و لا عطش و لا تعب و لا نصب و هي شجرة تميزت من بين أشجار الجنة إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار المأكول و كانت هذه الشجرة و جنسها تحمل البر و العنب و التين و العناب و سائر أنواع الثمار و الفواكه و الأطعمة فلذلك اختلف الحاكون بذكر الشجرة فقال بعضهم هي برة و قال آخرون هي عنبة و قال آخرون هي عنابة و قال الله وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ تلتمسان بذلك درجة محمد و آل محمد في فضلهم فإن الله عز و جل خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم و هي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله ألهم علم الأولين

    [46]
    و الآخرين من غير تعلم و من تناول بغير إذن الله خاب من مراده و عصى ربه فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ بمعصيتكما و التماسكما درجة قد أؤثر بها غيركما إذا رمتما بغير حكم الله قال الله تعالى فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها عن الجنة بوسوسته و غروره بأن بدأ بآدم فقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين إن تناولتما منها تعلمان الغيب و تقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة أو تكونا من الخالدين لا تموتان أبدا و كان إبليس بين لحيي الحية أدخلته الحية و كان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه و لم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها فرد آدم على الحية أيتها الحية هذا من غرور إبليس كيف أروم التوصل إلى ما منعني ربي و أتعاطاه بغير حكمه فلما أيس إبليس من قبول آدم عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها و قال يا حواء أ رأيت هذه الشجرة التي كان الله حرمها عليكما قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له و ذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة التي معها الخراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنة لا يدفعونكما عنها إن رمتما فاعلما بذلك أنه قد أحل لكما و أبشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه الآمرة الناهية فوقه فقالت حواء سوف أجرب هذا فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها فأوحى الله إليها إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره و أما من جعلته متمكنا مميزا مختارا فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه فإن أطاع استحق ثوابي و إن عصى و خالف أمري استحق عقابي فتركوها و لم يتعرضوا لها بعد ما هموا بمنعها بحرابهم فظنت أن الله نهاهم عن منعها لأنه قد أحلها بعد ما حرمها فقالت صدقت الحية و ظنت أن المخاطب بها هي الحية فتناولت منها و لم تنكر من نفسها شيئا فقالت لآدم (عليه السلام) أ لم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا و تناولت منها و لم تمنعني ملائكتها و لم أنكر شيئا من حالي فلذلك اغترآدم (عليه السلام) و غلط فتناول فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها بغرور فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ من النعيم وَ قُلْنَا يا آدم و يا حواء و يا أيتها الجنة و يا إبليس اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ و آدم و حواء و أولادهما أعداء للحية و إبليس و أولاده أعداؤكم وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ للمعاش وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ لموت و كانت الحية من أحسن دواب الجنة و هبوطها كان من الجنة و هبوط إبليس من حواليها فإنه كان محرما عليه دخول الجنة الحديث .

    أقول : اختلف في كيفية وصول إبليس إلى آدم و حواء حتى وسوس إليهما و إبليس كان قد أخرج من الجنة حين أبى السجود و هما في الجنة .


    [47]
    فقيل إن آدم كان يخرج إلى باب الجنة و إبليس لم يكن ممنوعا من الدنو منه فكان يكلمه و كان هذا قبل أن يهبط إلى الأرض و بعد أن أخرج من الجنة .

    و قيل : إنه كلمهما في الأرض بكلام عرفاه و فهماه منه .

    و قيل : إنه دخل في شدق الحية و خاطبهما من شدقها قال صاحب الكامل إن إبليس أراد دخول الجنة فمنعته الخزنة فأتى كل دابة من دواب الأرض و عرض نفسه عليها أن تحمله حتى يدخل الجنة ليكلم آدم و زوجته فكل الدواب أبى عليه ذلك حتى أتى الحية و قال لما أمنعك من ابن آدم فأنت في ذمتي إن أدخلتني فجعلته ما بين نابين من أنيابها ثم دخلت به و كانت رأسية على أربع قوائم من أحسن دابة خلقها الله كأنها بختية فأعراها الله تعالى و جعلها تمشي على بطنها انتهى .

    و قيل : راسلهما بالخطاب و ظاهر الآيات تدل على المشافهة و ورد أن السم الذي في أنياب الحية من مقعد الشيطان فيه أما لأنه أثر فيه السم أو لأن السم خلق هناك بسببه .

    أقول : أعظم شبهة المخطئة للأنبياء (عليهم السلام) قصة آدم (عليه السلام) حيث سماه عاص بقوله وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى .

    و أجاب عنه علم الهدى طاب ثراه : بأن العصيان مخالفة الأمر أعم من كونه واجبا أو ندبا و أطال في تحقيق المقام و كل هذا يرجع إلى قوله (عليه السلام) .

    حسنات الأبرار سيئات المقربين : و قد حققنا جملة القول في هذه المقالة الواردة في الأنبياء و الأئمة (عليهم السلام) في شرحنا على الصحيفة السجادية عند شرح دعاء الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) إذا استقال من ذنوبه .

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : رن إبليس أربع رنات أولهن يوم لعن و حين أهبط إلى الأرض و حين بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على حين فترة من الرسل و حين أنزلت أم الكتاب و نخر نخرتين حين أكل يعني آدم من الشجرة و حين أهبط من الجنة.

    أقول : الرنة الصوت و الصياح و النخير الصوت من الأنف و الأول للحزن و الثاني للفرح.

    و عنه (عليه السلام) : البكاءون خمسة آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و علي بن الحسين (عليه السلام) فأما آدم فبكى للجنة حتى صار في خديه مثل الأودية .

    و في حديث آخر : أنه بكى حتى خرج من إحدى عينيه من الدموع مثل ماء دجلة

    [48]
    و من الأخرى مثل ماء الفرات .

    و عنه (عليه السلام) : لما أهبط الله عز و جل آدم (عليه السلام) من الجنة أهبط معه مائة و عشرين قضيبا منها أربعون ما يؤكل منها داخلها و خارجها و أربعون منها ما يؤكل داخلها و يرمى خارجها و أربعون منها ما يؤكل خارجها و يرمى بداخلها و غرارة فيها بذر كل شي‏ء و الغرارة الجوالق معرب جوال .

    علل الشرائع عن بكير بن أعين قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) هل تدري ما كان الحجر قال قلت لا قال كان ملكا عظيما من عظماء الملائكة عند الله عز و جل فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به و أقر ذلك الملك فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق و أودعه عنده و استعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالعهد و الميثاق الذي أخذه الله عليهم ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكر الميثاق و يجدد عنده الإقرار كل سنة فلما عصىآدم (عليه السلام) و أخرج من الجنة أنساه الله العهد و الميثاق الذي أخذ الله عليه و على ولده لمحمد و وصيه و جعله باهتا حيران فلما تاب على آدم حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم و هو بأرض الهند فلما رآه أنس إليه و هو لا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة فأنطقه الله عز و جل فقال يا آدم أ تعرفني قال لا قال أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك و تحول إلى الصورة التي كان بها في الجنة مع آدم (عليه السلام) فقال لآدم أين العهد و الميثاق فوثب إليه آدم و ذكر الميثاق و بكى و خضع له و قبله و جدد الإقرار بالعهد و الميثاق ثم حول الله عز و جل جوهر الحجر درة بيضاء صافية تضي‏ء فحمله آدم على عاتقه إجلالا له و تعظيما فكان إذا أعيا عليه حمله عنه جبرئيل (عليه السلام) حتى وافى به مكة فما زال يأنس به بمكة و يجدد له الإقرار كل يوم و ليلة ثم إن الله عز و جل لما أهبط جبرائيل (عليه السلام) إلى أرضه و بنى الكعبة هبطا إلى ذلك المكان بين الركن و الباب و في ذلك الموضع تراءيا لآدم حين أخذ الميثاق و في ذلك الموضع ألقم الملك الميثاق فلتلك العلة وضع في ذلك الركن و نحي آدم من مكان البيت إلى الصفا و حواء إلى المروة و جعل الحجر في الركن فكبر الله و هلله و مجده فلذلك جرت السنة بالتكبير في استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا .

    و فيه عنه (عليه السلام) : : قال أهبط آدم (عليه السلام) من الجنة إلى الصفا و حواء إلى المروة و قد كانت امتشطت في الجنة فلما صارت في الأرض قالت ما أرجو من المشط و أنا مسخوط علي فحلت مشطها فانتشر من مشطها العطر الذي كانت امتشطت به في الجنة فطارت به الريح فألقت أثره في الهند فلذلك صار العطر بالهند .

    و في حديث آخر : أنها حلت عقيصتها فأرسل الله عز و جل على ما كان فيها من ذلك الطيب ريحا فهبت به في المشرق و المغرب .


    [49]
    و فيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل مما خلق الله عز و جل الكلب قال خلقه من بزاق إبليس قال و كيف ذلك يا رسول الله قال لما أهبط الله عز و جل آدم و حواء إلى الأرض أهبطهما كالفرخين المرتعشين فغدا إبليس الملعون إلى السباع و كانوا قبل آدم في الأرض فقال لهم إن طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراءون أعظم منهما تعالوا فكلوهما فتعاوت السباع معه و جعل إبليس يحثهم و يصيح بهم و يعدهم بقرب المسافة فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق فخلق الله عز و جل من ذلك البزاق كلبين أحدهما ذكر و الآخر أنثى فقاما حول آدم و حواء الكلبة بجدة و الكلب بالهند فلم يتركا السباع أن يقربوهما و من ذلك اليوم صار الكلب عدو السبع و السبع عدو الكلب .

    و فيه عن أبي جعفر عن آبائه (عليهم السلام) قال : إن الله عز و جل أوحى إلى جبرئيل (عليه السلام) أني قد رحمت آدم و حواء فاهبط عليهما بخيمة من خيم الجنة فاضرب الخيمة مكان البيت و قواعدها التي رفعها الملائكة قبل آدم فهبط بالخيمة على مقدار أركان البيت فنصبها و أنزل آدم من الصفا و حواء من المروة و جمع بينهما في الخيمة و كان عمود الخيمة قضيبا من ياقوت أحمر فأضاء نوره جبال مكة فامتد ضوء العمود و هو موضع الحرم اليوم فجعله الله حرما لحرمة الخيمة و العمود لأنهما من الجنة و مدت أطناب الخيمة حولها فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام و أوحى الله عز و جل إلى جبرئيل أن اهبط إلى الخيمة بسبعين ألف ملك يحرسونها من مردة الشياطين و يؤنسون آدم و يطوفون حول الخيمة فكانوا يطوفون حولها و يحرسونها ثم إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى جبرئيل (عليه السلام) بعد ذلك أن اهبط إلى آدم و حواء فنحهما عن موضع القواعد و ارفع قواعد بيتي لملائكتي و خلقي من ولد آدم فهبط عليهما و أخرجهما من الخيمة و نحاهما عن البيت و نحى الخيمة عن موضع البيت و قال يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض سألوا الله عز و جل أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور فأوحى الله تبارك و تعالى إلى أن أنحيك و أرفع الخيمة فرفع قواعد البيت بحجر من الصفا و حجر من المروة و حجر من طور سيناء و حجر من جبل السلام و هو ظهر الكعبة فأوحى الله عز و جل إلى جبرئيل (عليه السلام) أن ابنه و أتمه فاقتلع جبرئيل (عليه السلام) الأحجار الأربعة من موضعها بجناحه فوضعها حيث أمره الله تعالى في أركان البيت على قواعده و نصب أعلامها ثم أوحى إلى جبرئيل أن ابنه و أتمه من حجارة أبي قبيس و اجعل له بابين بابا شرقا

    [50]
    و بابا غربا فأتمه جبرئيل (عليه السلام) فلما فرغ طافت الملائكة حوله فلما نظر آدم و حواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا سبعة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان .

    و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن آدم (عليه السلام) لما أهبط من الجنة اشتهى من ثمارها فأنزل الله تبارك و تعالى عليه قضيبين من عنب فغرسهما فلما أورقا و أثمرا و بلغا جاء إبليس فحاط عليهما حائطا فقال له آدم ما لك يا ملعون فقال إبليس إنهما لي فقال كذبت فرضيا بينهما بروح القدس فلما انتهيا إليه قص عليه آدم (عليه السلام) قصته فأخذ روح القدس شيئا من نار فرمى بها عليهما فالتهبت في أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منهما شي‏ء إلا احترق و ظن إبليس مثل ذلك قال فدخلت النار حيث دخلت و قد ذهب منهما ثلثاهما و بقي الثلث فقال الروح أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه الله و ما بقي فلك يا آدم .

    العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما بكى أحد بكاء ثلاثة آدم و يوسف و داود فقلت ما بلغ بكاؤهم فقال أما آدم (عليه السلام) فبكى حين أخرج من الجنة و كان رأسه في باب من أبواب السماء فبكى حتى تأذى به أهل السماء فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته فأما داود فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه و كان ليزفر الزفرة فيحرق ما ينبت من دموعه و أما يوسف فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب و هو في السجن فتأذى أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما و يسكت يوما .

    علل الشرائع و عيون الأخبار عن صفوان بن يحيى قال : سئل أبو الحسن (عليه السلام) عن الحرم و أعلامه فقال إن آدم (عليه السلام) لما أهبط من الجنة هبط على أبي قبيس و الناس يقولون بالهند فشكا إلى ربه عز و جل الوحشة و أنه لا يسمع ما كان يسمع في الجنة فأهبط الله عز و جل عليه ياقوتة حمراء فوضعت في موضع البيت فكان يطوف بها آدم (عليه السلام) و كان يبلغ ضوؤها الأعلام فعلمت الأعلام على ضوئها فجعله الله عز و جل حرما .

    أقول : فيه دلالة على ما قدمنا سابقا من الأخبار الواردة بنزوله (عليه السلام) بالهند محمول على التقية .

    و أما الجمع بين هذين الخبرين من نزول الياقوتة و ما تقدم من نزول الخيمة فقد ورد في بعض الروايات أن تلك الخيمة كانت ياقوتة .

    و قيل : في وجه الجمع بنزولهما متعاقبين أو متقاربين .


    [51]
    الكافي بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله تبارك و تعالى لما أهبط آدم طفق يخصف عليه من ورق الجنة و طار عنه لباسه الذي كان عليه من حلل الجنة فالتقط ورقة فستر بها عورته فلما هبط عبقت أي لصقت رائحة تلك الورقة بالهند بالنبت فصار في الأرض من سبب تلك الورقة التي عبقت بها رائحة الجنة فمن هناك الطيب بالهند لأن الورقة هبت عليها ريح الجنوب فأدت رائحتها إلى المغرب لأنها احتملت رائحة الورقة في الجو فلما ركدت الريح بالهند عبق بأشجارهم و نبتهم فكان أول بهيمة أرتعت من تلك الورقة ظبي المسك فمن هناك صار المسك في سرة الظبي لأنه جرى رائحة النبت في جسده و في دمه حتى اجتمعت في سرة الظبي .

    و فيه عنه (عليه السلام) : قال إن الله تبارك و تعالى لما أهبط آدم (عليه السلام) أمره بالحرث و الزرع و طرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل و العنب و الزيتون و الرمان و غرسها لتكون لعقبه و ذريته فأكل هو من ثمارها فقال إبليس لعنه الله يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الأرض و قد كنت بها قبلك ائذن لي آكل منها شيئا فأبى أن يطعمه فجاء إلى حواء فقال لحواء إنه قد أجهدني الجوع و العطش فقالت له حواء (عليه السلام) إن آدم عهد أن لا أطعمك من هذا الغرس لأنه من الجنة و لا ينبغي لك أن تأكل منه فقال لها فاعصري في كفي منه شيئا فأبت عليه فقال ذريني أمصه و لا آكله فأخذت عنقودا من العنب فأعطته فمصه و لم يأكل منه شيئا لما كانت حواء قد أكدت عليه فلما ذهب بعضه جذبته حواء من فيه فأوحى الله عز و جل إلى آدم (عليه السلام) أن العنب قد مصه عدوي و عدوك إبليس لعنه الله و قد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس إبليس فحرمت الخمر لأن عدو الله إبليس مكر بحواء حتى مص من العنبة و لو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها و جميع ثمارها و ما يخرج منها ثم إنه قال لحواء (عليها السلام) فلو أمصصتيني من هذا التمر كما أمصصتيني من العنب فأعطته ثمرة فمصها و كانت العنبة و التمر أشد رائحة و أذكى من المسك الأذفر و أحلى من العسل فلما مصهما عدو الله ذهبت رائحتهما و انتقصت حلاوتهما ثم إن إبليس الملعون ذهب بعد وفاة آدم (عليه السلام) فبال في أصل الكرمة و النخلة فجرى الماء في عروقهما ببول عدو الله فمن ثم يختمر التمر و العنب أي يتغير ريحهما و يصير منتنا فحرم الله عز و جل على ذرية آدم كل مسكر لأي الماء جرى ببول عدو الله في النخل و العنب و صار كل مختمر خمرا لأن الماء اختمر في النخلة و الكرمة من رائحة بول عدو الله إبليس لعنه الله .

    و عنه (عليه السلام) : قال العجوة أم التمر و هي التي أنزلها الله تعالى لآدم من الجنة .


    [52]
    و عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال كانت نخلة مريم (عليها السلام) العجوة نزلت في كانون و نزل مع آدم (عليه السلام) العتيق و العجوة و منها تفرق أنواع النخيل.
    اميرالنجف
    اميرالنجف
    .
    .


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
    نقاط : 21216
    تاريخ التسجيل : 28/10/2012

    كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول  في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)  Empty رد: كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(الباب الأول في قصص آدم و حواء و أولادهما و فيه فصول)

    مُساهمة من طرف اميرالنجف السبت نوفمبر 10, 2012 6:48 am



    الفصل الرابع
    في تزويج آدم و حواء و كيفية ابتداء النسل
    و قصة قابيل و هابيل و بقية أحوال آدم (عليه السلام)



    علل الشرائع بإسناده إلى زرارة قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام) أن عندنا أناسا يقولون إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم (عليه السلام) أن يزوج بناته من بنيه و إن هذا الخلق كله أصله من الإخوة و الأخوات قال أبو عبد الله (عليه السلام) سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا يقول من يقول هذا إن الله عز و جل جعل صفوة خلقه و أبو أنبيائه من حرام و لم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال و الله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزا عليها و نزل كشف له عنها و علم أنها أخته أخرج غرموله في ذكره ثم قبض عليه بأسنانه ثم قلعه ثم خر ميتا قال زرارة ثم سئل (عليه السلام) عن خلق حواء و قيل أناس عندنا يقولون إن الله عز و جل خلق حواء من ضلع آدم الأيسر الأقصى قال سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا من يقول هذا إن الله تعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجته من غير ضلعه و جعل المتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام يقول إن آدم ينكح بعضه بعضا إذا كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا و بينهم ثم قال إن الله تبارك و تعالى لما خلق آدم من طين أمر الملائكة فسجدوا له و ألقى عليه النوم ثم ابتدع له خلقا ثم جعلها في موضع النقرة الذي بين وركيه و ذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها فنوديت أن تنحي عنه فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى فكلمها فكلمته بلغته فقال لها من أنت قالت خلق خلقني الله كما ترى فقال آدم يا رب من هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه و النظر إليه فقال الله هذه أمتي حواء أ فتحب أن تكون معك فتؤنسك و تحدثك و تأتمر لأمرك قال نعم يا رب و لك بذلك الشكر و الحمد ما بقيت فقال الله فاخطبها إلي

    [53]
    فإنها أمتي و قد تصلح أيضا للشهوة و ألقى الله عليه الشهوة و قد علم قبل ذلك المعرفة فقال يا رب فإني أخطبها إليك فبما رضاك لذلك قال رضائي أن تعلمها معالم ديني فقال لك ذلك علي يا رب إن شئت ذلك قال عز و جل قد شئت ذلك و قد زوجتكها فضمها إليك فقال أقبلي فقالت بل أنت فأقبل إلي فأمر الله عز و جل آدم أن يقوم إليها فقام و لو لا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن فهذه قصة حواء ص .

    أقول : المشهور بين العامة أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر .

    و في بعض الأخبار ما يدل عليه و هذا الحديث و ما بمعناه ينفي ذلك القول و حينئذ لذلك الأخبار إما محمولة على التقية أو على أنها خلقت من فضلة الطينة كما قاله الصدوق. قال الرازي في تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها المراد من هذا الزوج هو حواء و في كون حواء مخلوقة من آدم قولان الأول و هو الذي عليه الأكثر أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه النور ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى فلما استيقظ رآها و مال إليها لأنها مخلوقة من جزء من أجزائه و احتجوا عليه بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن المرأة خلقت من ضلع فإن ذهبت تقيمها كسرتها و إن تركتها و فيها عوج استمتعت بها. القول الثاني و هو اختيار أبي مسلم الأصفهاني في أن المراد من قوله وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها أي من جنسها و هو كقوله تعالى وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً و كقوله إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ. قال القاضي و القول الأول أقوى لكي يصح قوله خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ إذ لو كانت حواء مخلوقة ابتداء لكان الناس مخلوقين من نفسين لا من نفس واحدة و يمكن أن يجاب عنه بأن كلمه من لابتداء الغاية فلما كان ابتداء التخليق و الإيجاد وقع بآدم (عليه السلام) صح أن يقال خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ و أيضا فلما ثبت أنه تعالى قادر على خلق آدم من التراب كان قادرا على خلق حواء من التراب فإذا كان الأمر كذلك فأي فائدة في خلقها من ضلع من أضلاع آدم (عليه السلام) انتهى .

    و قال بعض أهل الحديث يمكن أن يقال إن المراد بالخلق من نفس واحدة الخلق من أب واحد كما يقال بنو تميم نشئوا من تميم و لا تنافيه شركة الأم على أنه يجوز أن يكون من قوله مِنْها للتعليل أي لأجلها .

    و فيه أيضا عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل ذكر فيه ما يقوله العامة من تزويج الإخوة بالأخوات إلى أن قال : ويح هؤلاء أين هم عما لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز و لا فقهاء أهل

    [54]
    العراق إن الله عز و جل أمر القلم فجرى القلم على اللوح المحفوظ بما هو كائن إلى يوم القيامة قبل خلق آدم (عليه السلام) بألفي عام و أن كتب الله كلها مما جرى فيه القلم في كلها تحريم الأخوات على الإخوة مع ما حرم و نحن نقرأ الكتب المنزلة الأربعة المشهورة في هذا العالم التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان أنزلها الله عز و جل من اللوح المحفوظ على رسله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس فيها تحليل شي‏ء من ذلك و من أراد أن يقول هذا و شبهه إلا تقوية حجج المجوس ثم أنشأ يحدثنا كيف كان بدء النسل من آدم و ذريته فقال إن لآدم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولد سبعون بطنا في كل بطن غلام و جارية إلى أن قتل هابيل فجزع آدم عليه جزعا قطعه عن إتيان النساء خمسمائة عام ثم تخلى ما به من الجزع عليه فغشي حواء فوهب الله له شيئا و ليس معه ثان فلما أدرك و أراد الله أن يبلغ بالنسل ما ترون و أن يكون ما جرى به القلم تحريم ما حرم الله عز و جل من الأخوات على الإخوة أنزل بعد العصر في يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها نزلة فأمر الله عز و جل أن يزوجها من شيث فزوجها منه ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة اسمها منزلة فأمر الله عز و جل آدم أن يزوجها من يافث فزوجها منه فولد لشيث غلام و ولد ليافث جارية فأمر الله عز و جل آدم حين أدركا أن يزوج بنت يافث من ابن شيث ففعل ذلك فولد الصفوة من النبيين و المرسلين و معاذ الله أن ذلك على ما قالوا من الإخوة و الأخوات .

    و عنه (عليه السلام) : قال أوصى آدم إلى شيث و هو هبة الله بن آدم و أوصى شيث إلى ابنه شيبان و هو ابن منزلة الحوراء التي أنزلها الله على آدم من الجنة فزوجها ابنه شيثا .

    في كتاب الخرائج عن الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يحدث رجلا من قريش قال لما تاب الله على آدم واقع حواء و لم يكن غشيها منذ خلقت إلا في الأرض و ذلك بعد ما تاب الله عليه و كان آدم يعظم الحرم و إذا أراد أن يغشي حواء خرج من الحرم و أخرجها معه و غشيها في الحل ثم يغتسلان ثم يرجع إلى فناء البيت فولد لآدم من حواء عشرون ولدا ذكرا و عشرون أنثى فولد له في كل بطن ذكر و أنثى فأول بطن ولدت حواء هابيل و معه جارية يقال لها إقليما و ولدت في البطن الثاني قابيل و معه جارية يقال لها لوذا و كانت لوذا أجمل بنات آدم فلما أدركوا خاف عليها آدم الفتنة فقال أريد أن أنكحك يا هابيل لوذا و أنكحك يا قابيل إقليما قال قابيل ما أرض بهذا أ تنكحني أخت هابيل القبيحة و تنكح قابيل أختي الجميلة قال آدم (عليه السلام) فأنا أقرع بينكما فإن خرج سهمك يا قابيل على إقليما زوجت كل واحد منكما التي خرج سهمه عليها فرضيا بذلك فاقترعا فخرج سهم هابيل على لوذا أخت قابيل و خرج سهم قابيل على إقليما أخت هابيل فزوجها على ما خرج لهما من عند الله قال ثم حرم الله

    [55]
    نكاح الأخوات بعد ذلك فقال له القرشي فأولداهما قال نعم فقال القرشي فهذا فعل المجوس اليوم فقال علي بن الحسين (عليه السلام) إن المجوس إنما فعلوا ذلك بعد التحريم من الله ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام) لا تنكر هذا أ ليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلها فكان ذلك شريعة من شرائعهم ثم أنزل الله التحريم بعد ذلك .

    أقول : هذا الحديث و ما روي بمعناه محمول على التقية لأنه المذهب المشهور بينهم .

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : قال لما أهبط الله آدم و حواء إلى الأرض و جمع بينهما ولدت له بنتا فسماها عتاقا فكانت أول من بغى على وجه الأرض فسلط الله عليها ذئبا كالفيل و نسرا كالحمار فقتلاها ثم ولد له إثر عتاق قابيل فلما أدرك أظهر الله عز و جل جنية من ولد الجان يقال لها جهانة في صورة إنسية فلما رآها قابيل أحبها فأوحى الله إلى آدم أن يزوج جهانة من قابيل ثم ولد لآدم هابيل فلما أدرك أهبط الله إلى آدم حوراء و اسمها نزلة الحوراء فلما رآها هابيل أحبها فأوحى الله إلى آدم أن يزوجها من هابيل ففعل ذلك فكانت نزلة الحوراء زوجة لهابيل بن آدم ثم أوحى الله إلى آدم أن يضع ميراث النبوة و العلم و يدفعه إلى هابيل ففعل ذلك فلما علم قابيل غضب و قال لأبيه أ لست أكبر من أخي و أحق بما فعلت به فقال يا بني إن الأمر بيد الله و إن الله خصه بما فعلت فإن لم تصدقني فقربا قربانا فأيكما قبل قربانه فهو أولى بالفضل و كان القربان في ذلك الوقت تنزل النار فتأكله و كان قابيل صاحب زرع فقرب قمحا رديئا و كان هابيل صاحب غنم فقرب كبشا سمينا فأكلت النار قربان هابيل فأتاه إبليس فقال يا قابيل لو ولد لكما ولد و كثر نسلكما افتخر نسله على نسلك بما خصه به أبوك و لقبول النار قربانه و تركها قربانك و إنك إن قتلته لم يجد أبوك بدا من أن يخصك بما دفعه إليه فوثب قابيل إلى هابيل فقتله ثم قال إبليس إن النار التي قبلت القربان هي المعظمة فعظمها و اتخذ لها بيتا و اجعل لها أهلا و أحسن عبادتها و القيام عليها يقبل قربانك إذا أردت ذلك ففعل قابيل ذلك فكان أول من عبد النار و اتخذ بيوت النيران و إن آدم أتى الموضع الذي قتل فيه قابيل أخاه فبكى هناك أربعين صباحا يلعن تلك الأرض حيث قبلت دم ابنه و هو الذي فيه قبلة المسجد الجامع بالبصرة و إن هابيل يوم قتل كانت امرأته نزلة الحوراء حبلى فولدت غلاما فسماه آدم باسم ابنه هابيل و إن الله عز و جل وهب لآدم بعد هابيل ابنا فسماه شيث ثم قال إن هذا هبة الله فلما أدرك أهبط الله على آدم حوراء يقال لها ناعمة في صورة إنسية فلما رآها شيث أحبها فأوحى الله إلى آدم أن زوج ناعمة من شيث ففعل ذلك آدم فولدت له جارية فسماها آدم حورية فلما أدركت أوحى الله إلى آدم أن زوج حورية من هابيل ففعل

    [56]
    ذلك آدم فهذا الخلق الذي ترى من هذا النسل فلما انقضت نبوة آدم أمره الله تعالى أن يدفع العلم و آثار النبوة إلى شيث و أمره بالكتمان و التقية من أخيه لئلا يقتله كما قتل هابيل الحديث .

    و روىعلي بن إبراهيم عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه : لما سولت له نفسه قتل أخيه لم يدر كيف يقتله حتى جاء إبليس فعلمه فقال ضع رأسه بين حجرين ثم اشدخه فلما قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فأقبلا يتقاتلان حتى قتل أحدهما صاحبه ثم حفر الذي بقي على الأرض بمخالبه و دفن صاحبه قال قابيل يا وَيْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فحفر له حفيرة و دفنه فيها فرجع قابيل إلى أبيه و لم يكن معه هابيل قال آدم أين تركت ابني فقال قابيل أرسلتني عليه راعيا فقال انطلق معي إلى مكان القربان و أحس قلب آدم بالذي فعل قابيل فلما بلغ مكان القربان استبان قتله فلعن آدم الأرض التي قبلت دم هابيل و لذلك لا تشرب الأرض الدم فانصرف و بكى على هابيل أربعين يوما و ليلة .

    و عنه (عليه السلام) : إن قابيل يعذب بعين الشمس يستقبلون بوجهه الشمس حتى تطلع و يديرونه معها حتى تغيب ثم يصبون عليه في البرد الماء البارد و في الحر الماء الحار .

    عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن قول الله عز و جل يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ فقال (عليه السلام) قابيل يفر من أخيه هابيل و سئل (عليه السلام) عن يوم الأربعاء و التطير منه فقال (عليه السلام) هو آخر أربعاء و هو المحاق و فيه قتل قابيل أخاه هابيل .

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة أنفر أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه و نمرود الذي حاج إبراهيم في ربه و اثنان في بني إسرائيل هودا قومهم و نصراهم و فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى و اثنان من هذه الأمة يعني الأول و الثاني .

    سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أول من قال الشعر : فقال آدم لما أنزل إلى الأرض من السماء فرأى تربتها و سعتها و هواها و قتل قابيل هابيل فقال آدم (عليه السلام) .
    تغيرت البلاد و من عليها فوجه الأرض مغبر قبيح
    تغير كل ذي لون و طعم و قل بشاشة الوجه المليح




    فأجابه إبليس لعنه الله
    تنح عن البلاد و ساكنيها فبئ بالخلد ضاق بك الفسيح




    [57]
    و كنت بها و زوجك في قرار و قلبك من أذى الدنيا مريح
    فلم تنفك من كيدي و مكري إلى أن فاتك الثمن الربيح
    فلو لا رحمة الجبار أضحت بكفك من جنان الخلد ريح


    أقول : و ربما زاد فيه بعضهم إلا أن الاعتماد على هذا الورود في كتاب علل الشرائع و عيون الأخبار و غيرهما.

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : قال كانت الوحوش و الطير و السباع و كل شي‏ء خلق الله عز و جل مختلطا ببعض فلما قتل ابن آدم أخاه نفرت و فزعت فذهب كل شي‏ء إلى شكله .

    و عنه (عليه السلام) : إن الله عز و جل أنزل حوراء من الجنة إلى آدم فزوجها أحد ابنيه و تزوج الآخر إلى الجن فولدتا جميعا فما كان من الناس من جمال و حسن خلق فهو من الحوراء و ما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجان و أنكر أن يكون زوج بنيه من بناته .

    أقول : قيل في وجه الجمع بينه و بين ما سبق أما بالتجوز في الخبر السابق بأن يكون المراد بالحوراء الشبيهة بها في الجمال أو في هذا الخبر بأن يكون المراد بكونها من الجن كونها شبيهة بهم في الخلق و يمكن القول بالجمع بينهما في أحد ابنيه و في الأخبار ما يؤيده .

    و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله عز و جل حين أهبط آدم و زوجته و هبط إبليس و لا زوجة له و هبطت الحية و لا زوج لها فكان أول من يلوط بنفسه إبليس فكانت ذريته من نفسه و كذلك الحية و كانت ذرية آدم من زوجته فأخبرهما أنهما عدوان لهما .

    أقول : قد مر سابقا أن ذرية إبليس أنه يبيض و يفرخ فيحمل هذا إما على أن يكون هذا اللواط ليتولد منه البيض و الفرخ و إما على أن ذريته يحصلان من النوعين .

    و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن أول من بغى على الله عز و جل على وجه الأرض عتاق بنت آدم (عليه السلام) خلق الله لها عشرين إصبعا و في كل إصبع منها ظفران طويلان كالنخلين العظيمين و كان مجلسها في الأرض موضع جريب فلما بغت بعث الله لها أسدا كالفيل و ذئبا كالبعير و نسرا كالحمار و كان ذلك في الخلق الأول فسلطهم الله عليها فقتلوها .

    معاني الأخبار عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمات الله فأما الأمانة فهي التي أخذ الله عز و جل على آدم حين زوجه حواء و أما الكلمات فهي الكلمات التي شرط بها على آدم أن يعبده و لا يشرك به شيئا و لا يزني و لا يتخذ من دونه أولياء .

    القصص للراوندي : أن عوج بن عناق كان جبارا عدوا لله و للإسلام و له بسط في

    [58]
    الجسم و الخلق و كان يضرب يده فيأخذ الحوت من أسفل البحر ثم يرفع إلى السماء فيشويه في حر الشمس فيأكله و كان عمره ثلاثة آلاف و ستمائة سنة.

    و روي أنه : لما أراد نوح (عليه السلام) أن يركب السفينة جاء إليه عوج فقال له احملني معك فقال إني لم أؤمر بذلك فبلغ الماء إليه و ما جاوز ركبتيه و بقي إلى أيام موسى (عليه السلام) فقتله موسى (صلى الله عليه وآله وسلم) .

    العياشي عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن آدم لما ولد له أربعة ذكور فأهبط الله إليهم أربعة من الحور العين فزوج كل واحد منهم واحدة فتوالدوا ثم إن الله رفعهن و زوج هؤلاء الأربعة أربعة من الجن فصار النسل فيهم فما كان من حلم فمن آدم و ما كان من جمال فمن قبل الحور العين و ما كان من قبح أو سوء خلق فمن الجن .

    و عن أبي جعفر (عليه السلام) : إن قابيل بن آدم معلق بقرونه في عين الشمس تدور به حيث دارت في زمهريرها و حميمها إلى يوم القيامة صيره الله إلى النار .

    الكافي مسندا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) : أنه سئل عن أول كتاب كتب في الأرض فقال إن الله عز و جل عرض على آدم و ذريته عرض العين في صورة الذر نبيا فنبيا و ملكا فملكا و مؤمنا فمؤمنا و كافرا فكافرا فلما انتهى إلى داود (عليه السلام) قال من هذا الذي نبأته و كرمته و قصرت عمره فأوحى الله عز و جل إليه هذا ابنك داود عمره أربعون سنة و أني قد كتبت الآجال و قسمت الأرزاق و أنا أمحو ما أشاء و أثبت و عندي أم الكتاب فإن جعلت له شيئا من عمرك ألحقته له قال يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة فقال الله عز و جل لجبرئيل و ميكائيل و ملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى فكتبوا عليه كتابا و ختموه بأجنحتهم من طينة عليين فلما حضرت آدم الوفاة أتاه ملك الموت فقال آدم يا ملك الموت ما جاء بك فقال جئت لأقبض روحك قال قد بقي من عمري ستون سنة فقال إنك جعلتها لابنك داود و نزل عليه جبرئيل و أخرج له الكتاب فقال أبو عبد الله (عليه السلام) فمن أجل ذلك إذا أخرج الصك على المديون ذل المديون فقبض روحه .

    و فيه عن الباقر (عليه السلام) قال : إن ما بين الركن و المقام لمشحون من قبور الأنبياء و إن آدم لقي حرم الله عز و جل .

    و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) : لما مات آدم (عليه السلام) و شمت به إبليس و قابيل فاجتمعا في الأرض فجعل إبليس و قابيل المعازف و الملاهي شماتة بآدم (عليه السلام) فما كان في الأرض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس فإنما هو ابن ذاك .

    كتاب التهذيب سمعت مرسلا من الشيوخ و مذاكرة و لم يحضرني الآن إسناده : أن آدم (عليه السلام) لما أهبطه الله من جنة المأوى إلى الأرض استوحش فسأل الله تعالى أن يؤنسه

    [59]
    بشي‏ء من أشجار الجنة فأنزل الله تعالى إليه النخلة فكان يأنس بها في حياته فلما حضرته الوفاة قال لولده إني كنت آنس بها في حياتي و أرجو الأنس بها بعد وفاتي فإذا مت فخذوا منها جريدا و شقوه بنصفين و ضعوهما معي في أكفاني ففعل ولده ذلك و فعلته الأنبياء بعده ثم اندرس ذلك في الجاهلية فأحياه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و فعله فصارت سنة متبعة .

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى نوح (عليه السلام) و هو في السفينة أن يطوف بالبيت أسبوعا فطاف أسبوعا ثم نزل في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم (عليه السلام) فحمل التابوت في جوف السفينة حتى طاف بالبيت ما شاء الله أن يطوف ثم ورد إلى باب الكوفة في وسط مسجدها و تفرق الجمع الذي كان مع نوح (عليه السلام) في السفينة فأخذ التابوت فدفنه في الغري .

    و عنه (عليه السلام) : قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عاش آدم أبو البشر تسعمائة و ثلاثين سنة و في قول إن عمره ألف سنة .

    و ذكر السيد ابن طاوس في سعد السعود من صحف إدريس (عليه السلام) مرض (عليه السلام) عشرة أيام بالحمى و وفاته يوم الجمعة لأحد عشر يوما خلت من المحرم و دفنه في غار جبل أبي قبيس و وجهه إلى الكعبة و أن عمره (عليه السلام) من وقت نفخ الروح إلى وفاته ألف سنة و ثلاثين و أن حواء ما بقيت بعده إلا سنة ثم مرضت خمسة عشر يوما ثم توفيت و دفنت إلى جنب آدم (عليه السلام) .

    و هذا حاصل قصص آدم و حواء عليهما أفضل الصلوات .

    [60]

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مارس 29, 2024 3:11 am