منتديات أطياب العراق

اهلا وسهلا بكم في منتدياتكم منتديات أطياب العراق

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات أطياب العراق

اهلا وسهلا بكم في منتدياتكم منتديات أطياب العراق

منتديات أطياب العراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات أطياب العراق اسلاميه اجتماعيه ثقافيه سياسيه رياضيه ترفيهيه والمزيد...........

  اعلان هام جدا     " ان منتديات أطياب العراق بحاجه الى اعضاء ومشرفين فمن يجد في نفسه القدره على ذلك ماعليه سوى التسجيل في المنتدى ثم كتابه شيء بسيط من سيرته الذاتيه في قسم الشكاوي والاقتراحات وان واجه اي مشكله في التسجيل يمكنه طرح مايريد في منتدى الزوار والذي يقع داخل قسم الشكاوي والاقتراحات (علما ان الترشيح لكلا الجنسين). "       الاداره

    كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(خطبه الكتاب والمقدمه وخاتمه) يرجى الاطلاع يحتوي على امور هامه

    اميرالنجف
    اميرالنجف
    .
    .


    الجنس : ذكر عدد المساهمات : 206
    نقاط : 21361
    تاريخ التسجيل : 28/10/2012

    كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(خطبه الكتاب والمقدمه وخاتمه) يرجى الاطلاع يحتوي على امور هامه Empty كتاب قصص الانبياء عليهم السلام(خطبه الكتاب والمقدمه وخاتمه) يرجى الاطلاع يحتوي على امور هامه

    مُساهمة من طرف اميرالنجف السبت نوفمبر 10, 2012 6:09 am




    النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين (قصص ‏الأنبياء)
    للسيد نعمة الله الجزائري

    [1]
    خطبة الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله الذي أرسل أنبياءه حجة على العالمين و عقبهم بالأوصياء تكميلا للدين المبين و اصطفى منهم خمسة و هم أولو العزم و فضلهم على أنبيائه المرسلين و اختار من بينهم محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) و جعله نبيا و آدم بين الماء و الطين ثم فضل أوصياءه (صلى الله عليه وآله وسلم) و صيرهم حجة على أهل السماوات و الأرضين و فضل من بينهم ابن عمه و أخاه و باب مدينة علمه على الخلق أجمعين و خصه باسم حرم على غيره بأن يسمى به و هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه و على أولاده المعصومين من يومنا هذا إلى يوم الدين.

    و بعد فيقول المذنب الجاني قليل البضاعة و كثير الإضاعة نعمة الله الموسوي الجزائري وفقه الله تعالى لمراضيه و جعل مستقبل أحواله خيرا من ماضيه إنه لما وفقنا الله سبحانه لتأليف كتابنا الموسوم برياض الأبرار في مناقب الأئمة الأطهار سلام الله عليهم آناء الليل و أطراف النهار و استقصينا فيه ما بلغنا من أحوال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أحوال الأئمة (عليهم السلام) من مواليدهم و معجزاتهم و غزواتهم و مناقبهم على التمام فجاءت عدته ثلاث مجلدات حسان فيهن من أسرارهم عليهم السلام ما لم يطمثهن أنس قبلهم و لا جان ثم إن جماعة من علماء الإخوان التمسوا منا أن نكتب كتابا في تفصيل أحوال الأنبياء و ما جرى عليهم في سالف الزمان ليكون متمما لكتابنا المذكور و تتلى أحاديثه في البكور و العصور و سميناه النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين و رتبناه على مقدمة و أبواب و فصول و خاتمة .

    [3]

    المقدمة
    في بيان ما يشترك فيه الأنبياء (عليهم السلام) و في عددهم
    و بيان أولي العزم منهم و الفرق بين النبي و الإمام و جملة من أحوالهم


    اعلم أن وهب بن منبه صنف كتابا مبسوطا في قصص الأنبياء و لا نعتمد ما أورده فيه لأنه من طريق الجمهور و تواريخهم فيصلح شاهدا لا حجة على المطلوب و أما الفاضل الراوندي قدس الله ضريحه فهو من علمائنا و كتب أيضا كتابا أوضح فيه عن قصص الأنبياء (عليهم السلام) و روى ما أودع فيه من أخبارنا عن الأئمة (عليهم السلام) إلا أنه قد شذ عنه أكثر ما ضمنه كتابه فجاءت القصص ناقصة تحتاج إلى التتميم و أما شيخنا المعاصر قدس الله سره فقد ألف كتاب بحار الأنوار و جعل الكتاب الخامس في أحوال الأنبياء (عليهم السلام) و سماه كتاب النبوة فهو و إن أحاط بجميع قصصهم (عليهم السلام) و تفصيل أحوالهم من أخبارنا و رواياتنا إلا أنه بلغ الغاية في التطويل و التفصيل لأنه ذكر الآيات أولا تفسيرها ثانيا و كل ما ورد من طريق العامة و الخاصة في بيان أحوالهم (عليهم السلام) فأحببت أن أنسج كتابي هذا على منوال عجيب و طرز غريب بأن أذكر كل ما ورد من طرق الخاصة و بعض ما أحتاج إليه من روايات الجمهور إن وقع الاحتياج إليه على طريق الاختصار فيكون كتابا صغير الحجم غزير العلم تهش إليه الألباب و تستلذه الطلاب قال الله تعالى وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ .

    روى الثقة علي بن إبراهيم في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما بعث الله نبيا من لدن آدم فهلم جرا إلا و يرجع إلى الدنيا و ينصرأمير المؤمنين (عليه السلام) و هو قوله تعالى لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ يعني برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و لتنصرنأمير المؤمنين (عليه السلام) ثم قال لهم في الذر أَ أَقْرَرْتُمْ وَ أَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي أي عهدي قالُوا أَقْرَرْنا قال الله فَاشْهَدُوا وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ.

    [4]
    أقول : جاءت الأخبار مستفيضة في أن القائم (عليه السلام) إذا خرج و قام له الملك يخرج في زمانه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) و هو صاحب العصا و الميسم يسم المؤمن في جبهته فينتقش بها هذا مؤمن و يسم الكافر فينتقش في جبهته هذا كافر و تخرج الأئمة (عليهم السلام) و الأنبياء (عليهم السلام) لينصرواأمير المؤمنين (عليه السلام) و المهدي (عليه السلام) سيما الأنبياء الذين أوذوا في الله كزكريا و يحيى و حزقيل و من قتل منهم و من جرح فإن الأخبار جاءت مستفيضة برجوعهم إلى الدنيا ليقتصوا ممن آذاهم و قتلهم من الأمم و ليأخذوا بثأرالحسين (عليه السلام) .

    و عن جميل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قلت قول الله عز و جل إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ قال ذاك و الله في الرجعة أ ما علمت أن أنبياء الله كثير لم ينصروا في الدنيا و الأئمة من بعدهم قتلوا و لم ينصروا في الدنيا و ذلك في الرجعة و الأشهاد الأئمة (عليهم السلام) .

    يقول مؤلف الكتاب أيده الله تعالى : المراد من الرسل في الآية الأنبياء ففي هذا الحديث و ما قبله و ما روي بمعناهما دلالة على أن الأنبياء (عليهم السلام) كلهم يرجعون إلى الدنيا و في القيامة الصغرى و ينصرهم الله تعالى بالقوة و الملائكة على أعدائهم و أعداء آل محمد (عليهم السلام) و يحيي الله سبحانه أممهم الذين آذوهم كما يخرج بني أمية و من رضي بفعالهم من ذراريهم و غيرها و كذلك يحيي من أخلص الإيمان من الأمم ليفوزوا بثواب النصر و الجهاد و يتنعموا في دولة آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما قال سبحانه وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً و قال الصدوق طيب الله ثراه اعتقادنا في عدد الأنبياء (عليهم السلام) أنهم مائة ألف نبي و أربعة و عشرون ألف نبي و مائة ألف وصي و أربعة و عشرون ألف وصي و أن سادة الأنبياء خمسة الذين عليهم دارت الرحى و هم أصحاب الشرائع و من أتى بشريعة مستأنفة نسخت شريعة من تقدمه و هم خمسة نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد و هم أولو العزم (صلى الله عليه وآله وسلم) .

    أقول ما قال في عددهم (عليهم السلام) هو الذي دلت عليه واضحات الأخبار و قاله علماؤنا رضوان الله عليهم و ما دل على خلافه يكون محمولا على طريق التأويل مثل ما روي في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) .

    بعثت على أثر ثمانية آلاف نبي منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل.

    بأن يراد أعاظم الأنبياء (عليهم السلام) و أما المرسلون ففيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر.

    و قيل له يا رسول الله كم أنزل من كتاب قال مائة صحيفة و أربعة كتب أنزل الله على شيث (عليه السلام ) خمسين صحيفة و على إدريس ثلاثين صحيفة و على إبراهيم عشرين صحيفة و أنزل التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان.

    و في كتاب الإختصاص للمفيد طاب ثراه بإسناده إلى صفوان الجمال عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال لي يا صفوان هل تدري كم بعث الله من نبي قال قلت ما أدري قال بعث الله مائة ألف نبي و أربعة

    [5]
    و أربعين ألف نبي و مثلهم أوصياء .

    و عنه (عليه السلام) : قال أبو ذر يا رسول الله كم بعث الله من نبي فقال ثلاثمائة ألف نبي و عشرين ألف نبي و المرسلون منهم ثلاثمائة و بضعة عشر و الكتب المنزلة مائة صحيفة و أربعة كتب أنزل منها على إدريس خمسين صحيفة.

    أقول : وجه الجمع بين هذين الخبرين و ما تقدم يكون أما بحمل الزائد من عدد الأنبياء على ما كان قبلآدم (عليه السلام) فإن الأرض لا تخلو من حجة ما دام التكليف أو بأن يقال إن مفهوم العدد ليس بحجة.

    و عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال : إن الأنبياء و أتباع الأنبياء خصوا بثلاث خصال السقم في الأبدان و خوف السلطان و الفقر.

    أقول : يجوز أن يراد من أولاد الأنبياء المعصومون منهم المنزهون عن الذنوب و يجوز أن يراد الأعم فتكون ذرية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من العلويين كلهم داخلين في الأمور الثلاثة و أما الأتباع فهم العلماء و الصلحاء و الفقراء و المتقون.

    و في كتاب الإقبال لابن طاوس قدس الله ضريحه بإسناده إلى الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يقول من أحب أن يصافحه مائة ألف نبي و أربعة و عشرون ألف نبي فليزرالحسين (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان فإن أرواح النبيين يستأذنون الله في زيارته فيأذن لهم فطوبى لمن صافحهم و صافحوه منهم خمسة أولو العزم من المرسلين نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد صلى الله عليه و عليهم أجمعين قلت و لم سموا أولي العزم قال لأنهم بعثوا إلى شرقها و غربها و جنها و إنسها .

    أقول : هذه المصافحة يجوز أن تكون في الدنيا لزائريه و إن لم يشعروا بها أو ببعضها فإن الملائكة تتصور بصور الرجال يأتون إلى زيارته و يصافحون زواره و يجوز أن تكون يوم القيامة في الجنة أو قبل دخولها و قوله فليزرالحسين (عليه السلام) الظاهر أن المراد زيارته من قرب و إرادة البعد محتملة أيضا و ما دل عليه من أن أولي العزم هذه الخمسة (صلى الله عليه وآله وسلم) روي في الأخبار المستفيضة و رواه الجمهور عن ابن عباس و قتادة و ذهب بعضهم إلى أنهم ستة نوح و إبراهيم و إسحاق و يعقوب و يوسف و أيوب و قيل هم الذين أمروا بالقتال و الجهاد و أظهروا المكاشفة و جاهدوا في الدين و قيل هم أربعة إبراهيم و نوح و هود و محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و لا عبرة بهذه الأقوال كلها لأنها خلاف إجماعنا و أصحابنا و ما تضمنه و من وجه التسمية و أن رسالتهم عامة هي إحدى الروايات و في تفسير الثقة علي بن إبراهيم أنهم سموا أولي العزم لأنهم سبقوا الأنبياء إلى الإقرار بالله و أقروا بكل نبي كان قبلهم و بعدهم و عزموا على الصبر مع التكذيب و الأذى .

    و في عيون الأخبار عن الرضا (عليه السلام) قال : إنما سمي أولو العزم لأنهم كانوا أصحاب العزائم و الشرائع و ذلك أن كل نبي كان بعد نوح (عليه السلام) كان على شريعته و منهاجه و تابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل (عليه السلام) .

    ثم ساق الكلام في الخمسة على مثال

    [6]
    واحد و فيه دلالة على أن الخمسة عليهم السلام رسالتهم عامة و لا كلام في الثلاثة إنما الكلام في عموم رسالة موسى و عيسى (عليه السلام) لأن في بعض الأخبار نوع معارضة لها و أن رسالتهما كانت خاصة لا عامة و يمكن تأويل تلك الأخبار و إبقاء ما دل على عموم رسالتهما على حاله لاستفاضة الأخبار الدالة عليه.

    و في مشارق الأنوار عن علي بن عاصم الكوفي قال : دخلت على أبي محمد العسكري (عليه السلام) فقال لي يا علي انظر إلى ما تحت قدميك فإنك على بساط قد جلس عليه كثير من النبيين و المرسلين و الأئمة الراشدين ثم قال ادن مني فدنوت منه فمسح يده على وجهي فصرت بصيرا قال فرأيت في البساط أقداما و صورا و قال هذا أثر قدم آدم (عليه السلام) و موضع جلوسه و هذا أثر هابيل و هذا أثر نوح و هذا أثر قيدار و هذا أثر مهلائيل و هذا أثر يارد و هذا أثر أخنوخ و هذا أثر إدريس و هذا أثر متوشلخ و هذا أثر سام و هذا أثر فخشد و هذا أثر صالح و هذا أثر لقمان و هذا أثر إبراهيم و هذا أثر لوط و هذا أثر إسماعيل و هذا أثر إلياس و هذا أثر إسحاق و هذا أثر يعقوب و هذا أثر يوسف و هذا أثر شعيب و هذا أثر موسى و هذا أثر يوشع بن نون و هذا أثر طالوت و هذا أثر سليمان و هذا أثر الخضر و هذا أثر دانيال و هذا أثر اليسع و هذا أثر ذي القرنين إسكندر و هذا أثر شابور بن أردشير و هذا أثر لؤي و هذا أثر كلاب و هذا أثر قصي و هذا أثر عدنان و هذا أثر عبد مناف و هذا أثر عبد المطلب و هذا أثر عبد الله و هذا أثر سيدنا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و هذا أثرأمير المؤمنين (عليه السلام) و هذا أثر الأوصياء من بعده و المهدي (عليه السلام) لأنه قد وطئه و جلس عليه ثم قال انظر إلى الآثار و اعلم أنها آثار دين الله و أن الشاك فيهم كالشاك في الله ثم قال أخفض طرفك يا علي فرجعت محجوبا كما كنت .

    أقول : ما اشتمل عليه من ذكر شابور و ما بعده يدل على أنهم كانوا مسلمين وقتا ما و ذلك لأن شابور من أجداد علي بن الحسين (عليه السلام) كما أن لؤي و ما بعده من أجداد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .

    و روى الشيخ في الأمالي بإسناده إلى رجل جعفي قال : كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال اللهم إني أسألك رزقا طيبا قال فقال أبو عبد الله (عليه السلام) هيهات هيهات هذا قوت الأنبياء و لكن سل ربك رزقا لا يعذبك عليه يوم القيامة هيهات إن الله يقول يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً و الطيبات الرزق الحلال .

    و في الكافي بإسناده إلى معمر بن خلاد قال : نظر أبو جعفر (عليه السلام) إلى رجل و هو يقول اللهم إني أسألك عن رزقك الحلال فقال أبو جعفر (عليه السلام) سألت قوت النبيين قل اللهم إني أسألك رزقا واسعا طيبا من رزقك .


    [7]
    أقول المراد من الرزق الحلال في الحديثين ما يكون حلالا في الواقع و نفس الأمر و هو رزق الأنبياء و أوصيائهم و أما رزق المؤمنين فهو الحلال في ظاهر الشريعة و ربما كان فيه شبهات .

    و في الكافي عن زرارة قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله تعالى وَ كانَ رَسُولًا نَبِيًّا ما الرسول و ما النبي قال النبي الذي يرى في منامه و يسمع الصوت و لا يعاين الملك و الرسول الذي يرى في المنام و يسمع الصوت و يعاين الملك قلت الإمام ما منزلته قال يسمع الصوت و لا يرى و لا يعاين الملك ثم تلا هذه الآية و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي و لا محدث.

    و عن الرضا (عليه السلام) : الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه و يسمع كلماته و ينزل عليه الوحي و ربما يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام) و النبي ربما يسمع الكلام و ربما رأى الشخص و لم يسمع الإمام هو الذي يسمع الكلام و لا يرى الشخص .

    و في الصحيح عن الأحوال قال : سمعت زرارة يسأل أبا جعفر (عليه السلام) قال أخبرني عن الرسول و النبي و المحدث فقال الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا فيراه و يكلمه و أما النبي فهو يرى في منامه على نحو ما رأى إبراهيم (عليه السلام) و نحو ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عليه من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل من عند الله بالرسالة و كان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حين جمع له النبوة و جاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرئيل (عليه السلام) و يكلمه بها قبلا و من الأنبياء من جمع له النبوة و يرى في منامه يأتيه الروح فيكلمه من غير أن يكون رآه في اليقظة و أما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع و لا يعاين و لا يرى في منامه .

    أقول : اختلف علماء الإسلام في الفرق بين النبي و الرسول فقيل بالترادف و قيل بالفرق بأن الرسول من جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه و النبي غير الرسول من لم ينزل عليه كتاب و إنما يدعو إلى كتاب من قبله .

    و منهم من قال إن من كان صاحب المعجزة و صاحب الكتاب و نسخ شرع من قبله فهو الرسول و من لم يكن مستجمعا لهذه الخلة فهو النبي غير الرسول .

    و منهم من قال من جاءه الملك ظاهرا و أمره بدعوة الخلق فهو الرسول و من لم يكن كذلك بل يرى في النوم فهو النبي ذكر هذه الوجوه الفخر الرازي و غيره و الظاهر من حديثنا صحة القول الأخير لما مر من عدد المرسلين و كون من نسخ شرعة ليس إلا خمسة.

    و في كتاب البصائر عن الباقرين (عليهما السلام) : و المرسلون على أربع طبقات فنبي تنبأ في نفسه لا يعدو غيرها و نبي يرى في النوم و يسمع الصوت و لا يعاين في اليقظة و لم يبعث إلى أحد و عليه إمام مثل ما كان إبراهيم على لوط و نبي يرى في منامه و يسمع الصوت و يعاين الملك و قد أرسل إلى طائفة قلوا أو كثروا كما قال الله تعالى وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ

    [8]
    و قال يزيدون ثلاثين ألفا و نبي يرى في منامه و يسمع الصوت و يعاين في اليقظة و هو إمام مثل أولي العزم و قد كان إبراهيم (عليه السلام) نبيا و ليس بإمام حتى قال إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ أي من عبد صنما أو وثنا .

    أقول : يعني الإمامة الرئاسة العامة لجميع المخلوقات فهي أفضل من النبوة و أشرف منها.

    الإختصاص للمفيد عن عمر بن أبان عن بعضهم قال : كان خمسة من الأنبياء سريانيين آدم و شيث و إدريس و نوح و إبراهيم و كان لسان آدم العربية و هو لسان أهل الجنة فلما عصى ربه أبدله السريانية قال و كان خمسة عبرانيين إسحاق و يعقوب و موسى و داود و عيسى و خمسة من العرب هود و صالح و شعيب و إسماعيل و محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و ملك الدنيا مؤمنان و كافران فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان (عليه السلام) و أما الكافران فنمرود بن كوش بن كنعان و بخت‏نصر .

    أقول : نصر بوزن بقم اسم صنم و بخت يعني أولد لأنه وجد مطروحا عنده فكأنه ابنه .

    و روى الصدوق طاب ثراه في إكمال الدين حديثا طويلا يسنده إلى الباقر (عليه السلام) و فيه : أن آدم (عليه السلام) لما استكملت أيام نبوته أوحى الله سبحانه إليه بجعل العلم و ميراث النبوة في ابنه هبة الله و بشر آدم بنوح و كان بينهما عشرة آباء كلهم أنبياء فلما مضت أيام نبوة نوح (عليه السلام) دفع ميراث العلم و النبوة إلى ابنه سام و ليس بعد سام إلا هود فكان بين نوح و هود من الأنبياء مستخفين و غير مستخفين و من بعد هود انتهت النبوة إلى إبراهيم و كان بين هود و إبراهيم من الأنبياء عشرة و ذكر كلاما طويلا ثم قال فأرسل الله موسى و هارون إلى فرعون و هامان و قارون و كان يقتل في اليوم نبيين و ثلاثة و أربعة حتى أنه كان يقتل في اليوم الواحد سبعون نبيا و يقوم سوق بقلهم آخر النهار ثم ذكر أن موسى (عليه السلام) أرسل إلى أهل مصر خاصة و أن عيسى أرسل إلى بني إسرائيل خاصة و أرسل الله محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الإنس و الجن عامة .

    و هذا الحديث يعارض ما تقدم من عموم رسالة موسى و عيسى (عليه السلام) و يجري فيه من التأويل أنه من قبيل ما يقال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أرسل إلى العرب أو يقال إنه أرسل إلى مكة لضرب من المجاز و العلاقة ظاهرة .

    و في الكافي يسنده إلى البرقي يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله جعل الاسم الأعظم على ثلاثة و سبعين حرفا فأعطى آدم منها خمسة و عشرين حرفا و أعطى نوحا منها خمسة و عشرين و أعطى إبراهيم منها ثمانية أحرف و أعطى منها موسى أربعة أحرف و أعطى منها عيسى حرفين و كان يحيي بها الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص و أعطى محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)

    [9]
    اثنين و سبعين حرفا و احتجب حرفا لئلا يعلم ما في نفسه و يعلم ما في نفس العباد .

    و عنه (عليه السلام) : كان مع عيسى ابن مريم حرفان يعمل بهما و كان مع موسى (عليه السلام) أربعة أحرف و كان مع إبراهيم (عليه السلام) ستة أحرف و كان مع آدم (عليه السلام) خمسة و عشرون حرفا و كان مع نوح ثمانية و جمع ذلك كله لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن اسم الله ثلاثة و سبعون حرفا و حجب عنه واحد.

    أقول : إن الله سبحانه حجب الاسم الأعظم عن عباده غير الأنبياء و أوصيائهم .

    قال المحققون لعل الوجه فيه أنه لو عرفهم إياه لأقبلوا على الدعاء به و أعرضوا عما سواه من الأسماء الحسنى على أن أكثرهم لا تحتمله عقولهم و لو عرفوه لأفسدوا على أنفسهم ضياع دينهم و على غيرهم ضياع دنياهم كما وقع لبلعم بن باعوراء حتى سلخه الله تعالى علمه و كذلك حجبت ليلة القدر في ثلاث ليال ليحافظ على العبادة فيها كلها و كذلك حجب ولي الله في جملة الناس لأنه لو عرف بعينه لربما أقبل الناس على توقيره و احترامه وحده و ولعوا بالإضرار بغيره و ربما أوقع الضرر به فيعظم الذنب و مع أنه سبحانه حجبه عن الخلق ورد في الأخبار تارة أنه أقرب إلى بسم الله الرحمن الرحيم من سواد العين إلى بياضها و قيل إنه في سورة التوحيد .

    و قيل : إنه لفظة الله لا غير و في الأخبار غير هذا أيضا و أماآدم (عليه السلام) فقد أعطي من الاسم الأعظم أزيد من إبراهيم (عليه السلام) و كذلك أعطي نوح (عليه السلام) فلا يلزم منه فضلهما شرفهما على إبراهيم (عليه السلام) لأن الأفضلية لا يلزم أن تكون بكل فرد فرد و شخص شخص من أنواع التكامل في التفاضل بين أولي العزم الأربعة و الذي يظهر من إشارات الأخبار أنه الخليل (عليه السلام) لأمور سيأتي التنبيه عليها إن شاء الله تعالى في مواضعها .

    و في بعض أنه كان مع إبراهيم (عليه السلام) من الاسم الأعظم ستة أحرف و مع نوح (عليه السلام) ثمانية و مفهوم العدل ليس بحجة كما تقرر في الأصول .

    و روىالثقة عن علي بن إبراهيم عن ياسر عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : ما بعث الله نبيا إلا صاحب مرة سوداء صافية .

    أقول : صاحب هذه المرة تقرر في عالم الطب أنه في غاية الحذق و الفطانة و الحفظ لكن لما كان بجامعها الخيالات الفاسدة و الجبن و الغضب وصفها بأنها هنا صافية أي خالية من هذه الأخلاق الرديئة .

    و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إن الله عز و جل أحب لأنبيائه من الأعمال الحرث و الرعي لأن لا يكرهوا شيئا من قطر السماء .

    و قال (عليه السلام) : ما بعث الله نبيا قط حتى يسترعيه الغنم يعلمه بذلك رعية الناس .

    إكمال الدين بإسناده إلى الصادق عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : عاش آدم أبو البشر

    [10]
    تسعمائة و ثلاثين سنة و عاش نوح ألفي سنة و أربعمائة و عاش إبراهيم (عليه السلام) مائة سنة و خمسا و سبعين و عاش إسماعيل بن إبراهيم مائة و عشرين سنة و عاش إسحاق مائة و ثمانين سنة و عاش يعقوب (عليه السلام) مائة و عشرين سنة و عاش يوسف (عليه السلام) مائة و عشرين سنة و عاش موسى (عليه السلام) مائة و ستا و عشرين سنة و عاش هارون (عليه السلام) مائة و ثلاثا و ثلاثين سنة و عاش داود (عليه السلام) مائة سنة منها أربعون سنة ملكه و عاش سليمان بن داود (عليه السلام) سبعمائة و اثنتي عشرة سنة .

    و عنه (عليه السلام) : قال إن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالجوع حتى يموت جوعا و إن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالعطش حتى يموت عطشا و إن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالسقم و الأمراض حتى يتلفه و إن كان النبي ليأتي قومه فيقوم فيهم يأمرهم بطاعة الله و يدعوهم إلى توحيد الله و ما معه مبيت ليلة فما يتركونه يفرغ من كلامه و لا يستمعون إليه حتى يقتلوه و إنما يبتلي الله تبارك و تعالى عباده على قدر منازلهم عنده .

    و عن أبي الحسن (عليه السلام) : من أخلاق الأنبياء التنظف و التطيب و حلق الشعر و كثرة الطروقة .

    و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : العشاء بعد العتمة عشاء النبيين .

    و عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) : ما من نبي إلا و قد دعي لأكل الشعير و بارك عليه و ما دخل جوفا إلا أخرج كل داء فيه و هو قوت الأنبياء و طعام الأبرار أبى الله تعالى أن يجعل قوت أنبيائه إلا شعيرا.

    و عن الصادق (عليه السلام) : السويق طعام المرسلين و اللحم باللبن مرق الأنبياء و كان أحب الأصباغ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الخل و الزيت و هو طعام الأنبياء و ما أفتقر أهل بيت يأتدمون بالخل و الزيت .

    و روى الصدوق طاب ثراه في كتاب علل الشرائع بإسناده إلى ابن السكيت قال : قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام) لما ذا بعث الله موسى بن عمران بيده البيضاء و العصا و آلة السحر و بعث عيسى بالطب و بعث محمدا بالكلام و الخطب فقال (عليه السلام) إن الله تبارك و تعالى لما بعث موسى كان الأغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله عز و جل بما لم يكن في وسع القوم مثله و بما أبطل به سحرهم فأثبت به الحجة عليهم و إن الله تبارك و تعالى بعث عيسى في وقت ظهرت فيه الزمانات و احتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله عز و جل بما لم يكن عندهم مثله و بما أحيا لهم الموتى و إبراء الأكمه و الأبرص بإذن الله و أثبت به الحجة عليهم و إن الله تبارك و تعالى بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب و الكلام فأتاهم من كتاب الله عز و جل و مواعظه و أحكامه

    [11]
    ما أبطل به قولهم و أثبت الحجة عليهم فقال ابن السكيت تالله ما رأيت مثل اليوم قط فما الحجة على الخلق اليوم فقال (عليه السلام) العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه و الكاذب على الله فيكذبه فقال ابن السكيت هذا و الله الجواب .


    خاتمة في بيان عصمة الأنبياء و تأويل ما يوهم خلاف


    قال الصدوق قدس الله ضريحه : اعتقادنا في الأنبياء و الرسل و الأئمة و الملائكة (صلى الله عليه وآله وسلم) أنهم معصومون مطهرون من كل دنس و أنهم لا يذنبون ذنبا صغيرا و لا كبيرا و لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون و من نفى عنهم العصمة في شي‏ء من أحوالهم فقد جهلهم و اعتقادنا فيهم أنهم موصوفون بالكمال و التمام و العلم من أوائل أمورهم إلى أواخرها لا يوصفون في شي‏ء من أحوالهم بنقص و لا جهل.

    روى قدس الله رمسه في كتاب الأمالي بإسناده إلى أبي الصلت الهروي قال : لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات من أهل الإسلام و الديانات و اليهود و النصارى و المجوس و الصابئين و سائر أهل المقالات فلم يقم أحد إلا و قد ألزمه حجته كأنه ألقم حجرا فقام إليه علي بن الجهم فقال يا ابن رسول الله أ تقول بعصمة الأنبياء قال بلى قال فما تعمل في قول الله عز و جل وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى و قوله عز و جل وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ و قوله في يوسف وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها و قوله في داود وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ و قوله في نبيه محمد وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فقال مولانا الرضا (عليه السلام) ويحك يا علي اتق الله و لا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش و لا تأول كتاب الله برأيك فإن الله عز و جل يقول وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ و أما قوله عز و جل وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى فإن الله عز و جل خلق آدم حجة في أرضه و خليفة في بلاده و لم يخلقه للجنة و كانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز و جل فلما أهبط إلى الأرض جعل حجة و خليفة عصم بقوله عز و جل إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ و أما قوله عز و جل وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ إنما ظن أن الله عز و جل لا يضيق عليه

    [12]
    أ لا تسمع قول الله عز و جل وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أي ضيق عليه و لو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر أما قوله عز و جل في يوسف وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ : : بِها فإنها همت بالمعصية و هم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله فصرف الله عنه قتلها و الفاحشة و هو قوله كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ يعني الزنى و أما داود فما يقولون من قبلكم فيه فقال علي بن الجهم يقولون إن داود كان في محرابه يصلي إذ تصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور فقطع صلاته و قام ليأخذ الطير فخرج الطير إلى الدار فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حنان فاطلع داود في أثر الطير فإذا امرأة أوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها و كان أوريا قد أخرجه في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا أمام الحرب فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود فكتب الثانية أن قدمه أمام التابوت فقتل أوريا رحمه الله و تزوج داود بامرأته قال فضرب الرضا (عليه السلام) بيده على جبهته و قال إنا لله و إنا إليه راجعون و لقد نسبتم نبيا من الأنبياء إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل .

    فقال يا ابن رسول الله فما كانت خطيئته فقال ويحك إن داود إنما ظن أن الله لم يخلق خلقا هو أعلم منه فبعث الله إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ فعجل داود على المدعى عليه فقال لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ و لم يسأل المدعي البينة على ذلك و لم يقبل على المدعى عليه فيقول ما يقول فقال هذه خطيئة حكمه لا ما ذهبتم إليه أ لا تسمع قول الله عز و جل يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ...الآية فقلت يا ابن رسول الله فما قصته مع أوريا فقال الرضا (عليه السلام) إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا و أول من أباح الله عز و جل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود فذلك الذي على أوريا و أما محمد و قول الله عز و جل وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فإن الله عز و جل عرف نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) أزواجه في دار الدنيا و أسماء أزواجه في الآخرة و إنهن أمهات المؤمنين و أحد من سمى له زينب بنت جحش و هي يومئذ تحت زيد بن حارثة فأخفى (صلى الله عليه وآله وسلم) اسمها في نفسه و لم يبد له لكيلا يقول أحد من المنافقين إنه قال في امرأة في بيت رجل إنها أحد أزواجه من أمهات المؤمنين و خشي قول المنافقين قال الله عز و جل وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ في نفسك و إن الله عز و جل

    [13]
    ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم (عليه السلام) و زينب من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و فاطمة من علي (عليه السلام) قال فبكى علي بن الجهم و قال يا ابن رسول الله أنا تائب إلى الله عز و جل و لن أنطق في أنبياء الله بعد يومي هذا إلا بما ذكرته .

    أقول : قوله (عليه السلام) و كانت المعصية من آدم في الجنة ظاهره تجويز الخطيئة على آدم (عليه السلام) على بعض الجهات إما لأن المعصية منه كانت في الجنة و العصمة تكون في الدنيا أو لأنها كانت قبل البعثة و إنما تجب عصمتهم بعد النبوة و كلاهما خلاف ما أجمع عليه علماؤنا و دلت عليه أخبارنا .

    و من ثم قال شيخنا المحدث أبقاه الله تعالى يمكن أن يحمل كلامه (عليه السلام) على أن المراد من المعصية ارتكاب المكروه و يكونون بعد البعثة معصومين عن مثلها أيضا و يكون ذكر الجنة لبيان كون النهي للتنزيه و الإرشاد لأن الجنة لم تكن دار تكليف حتى يقع فيها النهي التحريمي و يحتمل أن يكون المراد الكلام على هذا النحو لنوع من التقية مماشاة مع العامة لموافقة بعض أقوالهم أو على سبيل التنزل و الاستظهار ردا على من جوز الذنب على الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) و أما ظن داود (عليه السلام) فيحتمل أن يكون ظن أنه أعلم أهل زمانه و هذا و إن كان صادقا إلا أنه لما كان مصادفا لنوع من العجب نبه الله تعالى بإرسال الملكين و أما تعجيله (عليه السلام) في حال المرافعة فليس المراد أنه حكم بظلم المدعى عليه قبل البينة إذ المراد بقوله لَقَدْ ظَلَمَكَ أنه لو كان كما تقول فقد ظلمك و كان الأولى أن لا يقول ذلك أيضا إلا بعد وضوح الحكم .

    معاني الأخبار مسندا إلى رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن قول الله عز و جل في قصة إبراهيم بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ قال ما فعله كبيرهم و لا كذب إبراهيم (عليه السلام) لأنه قال فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ إن نطقوا فكبيرهم فعل و إن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم فما نطقوا و ما كذب إبراهيم فقلت قوله عز و جل في يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال إنهم سرقوا يوسف من أبيه أ لا ترى أنه قال لهم حين قال ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ و لم يقل سرقتم صواع الملك إنما عنى سرقتم يوسف من أبيه فقلت قوله إِنِّي سَقِيمٌ قال ما كان إبراهيم سقيما و ما كذب إنما كان سقيما في دينه مرتادا .

    و قد روي أنه عنى بقوله إِنِّي سَقِيمٌ أي : سأسقم و كل ميت سقيم قال الله عز و جل لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) إِنَّكَ مَيِّتٌ أي ستموت.

    و قد روي : أنه عنى إِنِّي سَقِيمٌ بما يفعل بالحسين بن علي (عليه السلام) .

    و في تفسير علي بن إبراهيم سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قول إبراهيم هذا رَبِّي لغير الله هل أشرك في قوله هذا رَبِّي قال : من قال هذا اليوم فهو مشرك و لم يكن من إبراهيم

    [14]
    شرك و إنما كان في طلب ربه و في قوله ما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ قال إبراهيم لأبيه إن لم تعبد الأصنام استغفرت لك فلما لم يدع الأصنام تبرأ منه .

    عيون الأخبار مسندا إلى علي بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا علي بن موسى (عليه السلام) فقال له المأمون يا ابن رسول الله أ ليس من قولك إن الأنبياء معصومون قال بلى قال فما معنى قول الله عز و جل وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى فقال (عليه السلام) إن الله تبارك و تعالى قال لآدم (عليه السلام) اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ و أشار لهما إلى شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ و لم يقل لهما كلا من هذه الشجرة و لا مما كان من جنسها فلم يقربا من تلك الشجرة و إنما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما و أقسم لهما إني لكما من الناصحين و لم يكن آدم و حواء قد شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ فأكلا منها ثقة بيمينه بالله و كان ذلك من آدم قبل النبوة و لم يكن ذلك بذنب كبير استحق به النار و إنما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم فلما اجتباه الله عز و جل و جعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة و لا كبيرة قال الله عز و جل وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى و قال تعالى إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ .

    فقال له المأمون فما معنى قول الله عز و جل فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فقال الرضا (عليه السلام) إن حواء ولدت لآدم خمسمائة بطن في كل بطن ذكر و أنثى و إن آدم و حواء عاهدا الله عز و جل و دعواه و قالا لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً من النسل خلفا سويا بريئا من الزمانة و العاهة كان ما آتاهما صنفين صنفا ذكرانا و صنفا إناثا فجعل الصنفان لله تعالى شركاء فيما آتاهما و لم يشكراه كشكر أبويهما له عز و جل فتعالى الله عما يشركون .

    فقال المأمون أشهد أنك ابن رسول الله حقا فأخبرني عن قول الله عز و جل في إبراهيم فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي .

    فقال الرضا إن إبراهيم وقع على ثلاثة أصناف صنف يعبد الزهرة و صنف يعبد القمر و صنف يعبد الشمس و ذلك حين خرج من السرب الذي أخفي فيه فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى الزهرة فقال هذا ربي على الإنكار و الاستخبار فلما أفل الكوكب قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ لأن الأفول من صفات الحدث لا من صفات القديم فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي على الإنكار و الاستخبار فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فلما أصبح و رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر من الزهرة و القمر على الاستخبار لا على الإخبار و الإقرار فلما أفلت قال للأصناف الثلاثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي

    [15]
    فَطَرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ حَنِيفاً مسلما وَ ما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ و إنما أراد إبراهيم (عليه السلام) بما قال أن يبين لهم بطلان دينهم و يثبت عندهم أن العبادة لا تحق لمن كان بصفة الزهرة و القمر و الشمس و إنما تحق العبادة لخالقها و خالق السماوات و الأرض و كان ما احتج به على قومه مما ألهمه الله عز و جل و آتاه وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ .

    فقال المأمون لله درك يا ابن رسول الله فأخبرني عن قول إبراهيم رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي .

    قال الرضا (عليه السلام) إن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم (عليه السلام) أني متخذ من عبادي خليلا إن سألني بإحياء الموتى أجبته فوقع في نفس إبراهيم (عليه السلام) أنه ذلك الخليل فقال رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي على الخلة قال فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فأخذ إبراهيم نسرا و بطا و طاوسا و ديكا فقطعهن و خلطهن ثم جعل على كل جبل من الجبال التي حوله و كانت عشرة منهن جزءا و جعل مناقيرهن بين أصابعه ثم دعاهن بأسمائهن و وضع عنده حبا و ماء فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتى استوت الأبدان و جاء كل بدن حتى انضم إلى رقبته و رأسه فخلى إبراهيم (عليه السلام) عن مناقيرهن فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء و التقطن من ذلك الحب و قلن يا نبي الله أحييتنا أحياك الله فقال إبراهيم (عليه السلام) بل الله يحيي و يميت و هو على كل شي‏ء قدير .

    قال المأمون بارك الله فيك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عز و جل فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ .

    قال الرضا (عليه السلام) إن موسى (عليه السلام) دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها و ذلك بين المغرب و العشاء فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته و هذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فقضى موسى (عليه السلام) على العدو بحكم الله تعالى ذكره فمات فقال هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ يعني الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى (عليه السلام) من قتله إِنَّهُ يعني الشيطان عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ .

    قال المأمون فما معنى قول موسى رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي قال يقول إني وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة فَاغْفِرْ لِي أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قالَ موسى رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ من القوة حتى قتلت رجلا بوكزة فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ بل أجاهد في سبيلك بهذه القوة حتى ترضى فَأَصْبَحَ (عليه السلام) فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ

    [16]
    بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ على آخر قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ قاتلت رجلا بالأمس و تقاتل هذا اليوم لأودينك و أراد أن يبطش به فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما و هو من شيعته قالَ يا مُوسى أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَ ما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ .

    قال المأمون جزاك الله خيرا يا أبا الحسن فما معنى قول موسى لفرعون فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ .

    قال الرضا (عليه السلام) إن فرعون قال لموسى لما أتاه وَ فَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَ أَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ بي قالَ موسى فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ عن الطريق بوقوعي إلى مدينة من مدائنك فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ و قد قال الله عز و جل لنبيه محمد أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى يقول أ لم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس وَ وَجَدَكَ ضَالًّا يعني عند قومك فَهَدى أي هداهم إلى معرفتك وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى يقول أغناك بأن جعل دعاءك مستجابا .

    قال المأمون بارك الله فيك يا ابن رسول الله فما معنى قول الله عز و جل وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي ... الآية كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال .

    فقال الرضا (عليه السلام) إن كليم الله موسى بن عمران علم أن الله تعالى عز أن يرى بالأبصار و لكنه لما كلمه الله تعالى و قربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز و جل كلمه و قربه و ناجاه فقالوا لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت و كان القوم سبعمائة ألف رجل اختار منهم سبعمائة ثم اختار من السبعمائة سبعين رجلا لميقات ربه فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل و صعد موسى (عليه السلام) إلى الطور و سأل الله تبارك و تعالى أن يكلمه و يسمعهم كلامه فكلمه الله تعالى ذكره و سمعوا كلامه من فوق و أسفل و يمين و شمال و وراء و أمام لأن الله عز و جل أحدثه في الشجرة و جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ بأن الذي سمعناه كلام الله حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فلما قالوا هذا القول العظيم و استكبروا و عتوا بعث الله صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا فقال موسى يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم و قالوا إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاة الله إياك فأحياهم الله و بعثهم معه فقالوا إنك لو سألت الله أن يراك تنظر إليه لأجابك و كنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته فقال موسى يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار و لا كيفية له و إنما يعرف بآياته


    [17]
    و يعلم بأعلامه فقالوا لن نؤمن لك حتى تسأله فقال موسى (عليه السلام) يا رب إنك قد علمت مقالة بني إسرائيل و أنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله إليه يا موسى سلني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسى (عليه السلام) يا رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ و هو يهوي فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ بآية من آياته جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ يقول رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ منهم بأنك لا ترى .

    فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ .

    فقال الرضا : لقد همت به و لو لا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت به لكنه كان معصوما و المعصوم لا يهم بذنب و لا يأتيه و قد حدثني أبي عن أبيه عن الصادق (عليه السلام) قال همت به بأن تفعل و هم بأن لا يفعل .

    فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن .

    فأخبرني عن قول الله عز و جل وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ .

    قال الرضا (عليه السلام) ذاك يونس بن متى ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن أن لن نقدر عليه أي لن نضيق عليه رزقه و منه قوله تعالى وَ أَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ أي ضيق و قتر فَنادى فِي الظُّلُماتِ ظلمة الليل و ظلمة البحر و بطن الحوت أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوت فاستجاب الله له و قال عز و جل فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ .

    فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا .

    قال الرضا (عليه السلام) يقول الله حتى إذا استيئس الرسل من قومهم إن الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن .

    فأخبرني عن قول الله عز و جل لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ .

    قال الرضا (عليه السلام) لم يكن أحد عند مشركي أهل مكة أعظم ذنبا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمائة و ستين صنما فلما جاءهم (صلى الله عليه وآله وسلم) بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم و عظم و قالوا أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عُجابٌ وَ انْطَلَقَ الْ

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 7:57 pm