باب في قصص أرميا و دانيال و عزير و بختنصر
قال الله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
و في سورة الإسراء وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً .
و في سورة الإسراء وَ قَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَ لِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ لِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً .
وَ قَضَيْنا أي و أوحينا إليهم في التوراة قضاء مقضيا. مَرَّتَيْنِ أي إفسادين أولهما مخالفة أحكام التوراة و قتل شعيا و قتل أرميا و ثانيهما قتل يحيى و زكريا و قصد قتل عيسى .
و قوله وَعْدُ أُولاهُما أي وعد عقاب أولهما .
و قوله عِباداً لَنا أي بختنصر عامل لهراسف إلى بابل و جنوده فَجاسُوا أي ترددوا لطلبكم خِلالَ الدِّيارِ أي وسطها للقتل و الغارة و الْكَرَّةَ الدولة و الغلبة عَلَيْهِمْ أي على الذين بعثوا عليكم .
و ذلك بأن ألقى الله في قلب بهمن بن إسفنديار لما ورث الملك من جده كشتاسب شفقة عليهم فرد أسراهم إلى الشام و ملك دانيال عليهم فاستولوا على من كان فيها من
[424]
أتباع بختنصر و نفير من ينفر مع الرجل من قومه فَإِذا جاءَ وَعْدُ عقوبة الْآخِرَةِ بعثناهم ليجعلوا وجوههم بادية آثارا لمساءة فيها وَ لِيُتَبِّرُوا أي ليهلكوا ما عَلَوْا أي ما غلبوه و استولوا عليه أو مدة علوهم .
و ذلك بأن سلط الله عليهم الفرس مرة أخرى فغزاهم ملك بابل و دخل صاحب الجيش مذبح قرابينهم فوجد فيه دما يغلي فسألهم عنه فقالوا دم قربان لم يقبل منا فقال ما صدقتوني فقتل عليه ألوفا منهم فلم يسكن الدم ثم قال إن لم تصدقوني ما تركت منكم أحدا فقالوا إنه دم يحيى فقال لمثل هذا ينتقم منكم ربكم روي أن بختنصر ملك بابل و كان من جنس نمرود و كان لزنية لا أب له فظهر على بيت المقدس و خرب المسجد و أحرق التوراة و ألقى الجيف في المسجد و قتل على دم يحيى (عليه السلام) سبعين ألفا و سبى ذراريهم و أغار عليهم و أخرج أموالهم و سبى سبعين ألفا و ذهب بهم إلى بابل و بقوا في مدة مائة سنة تستعبدهم المجوس .
ثم تفضل الله عليهم بالرحمة فأمر ملكا من ملوك فارس عارفا بالله سبحانه فردهم إلى بيت المقدس فأقامهم به مائة سنة على الطريقة المستقيمة .
ثم عادوا إلى الفساد و المعاصي فجاءهم ملك من ملوك الروم اسمه أنطياخوس فخرب بيت المقدس و سبى أهله .
تفسير علي بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي و عتوا عن أمر ربهم أراد الله أن يسلط عليهم من يذلهم و يقتلهم فأوحى الله إلى أرميا يا أرميا ما بلد انتخبته من بين البلدان و غرست فيه من كرائم الشجر فأخلف فأنبت خرنوبا فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا له راجع ربك ليخبرنا ما معنى هذا المثل فصام أرميا سبعا فأوحى الله إليه يا أرميا أما البلد فبيت المقدس و أما ما نبتت فيه فبنو إسرائيل الذين أسكنتهم فيها فعملوا المعاصي و غيروا ديني و بدلوا نعمتي كفرا فبي حلفت لأمتحنهم بفتنة يظل الحكيم فيها حيران و لأسلطن عليهم شر عبادي ولادة و شرهم طعاما فليتسلطن عليهم فيقتل مقاتليهم و يسبي حريمهم و يخرب بيتهم الذي يغترون به و يلقي حجرهم الذي يفتخرون به على الناس في المزابل مائة سنة فأخبر أرميا أحبار بني إسرائيل فقالوا راجع ربك فقل له ما ذنب الفقراء و المساكين و الضعفاء فصام أرميا سبعا ثم أكل أكلة فلم يوح إليه شيء ثم صام سبعا و أكل أكلة فلم يوح إليه شيء ثم صام سبعا فأوحى الله إليه يا أرميا لتكفن عن
[425]
هذا أو لأردن وجهك إلى ورائك ثم أوحى الله إليه قل لهم لأنكم رأيتم المنكر فلم تنكروه فقال أرميا يا رب أعلمني من هو حتى آتيه و آخذ لنفسي و أهل بيتي منه أمانا قال ائت موضع كذا و كذا فانظر إلى غلام أشدهم زمانة و أخبثهم ولادة و أضعفهم جسما و أشرهم غذاء فهو ذاك فأتى أرميا إلى ذلك البلد فإذا هو بغلام في خان زمن ملقى على وسط مزبلة و إذا له أم تربي بالكسر و تفت الكسر في القصعة و تحلب عليه خنزيرة لها ثم تدنيه من ذلك الغلام فيأكله فقال أرميا إن كان في الدنيا الذي وصفه الله فهو هذا فدنا منه و قال ما اسمك قال بختنصر فعرف أنه هو فعالجه حتى برأ ثم قال تعرفني قال لا أنت رجل صالح فقال أنا أرميا نبي بني إسرائيل أخبرني الله أنه سيسلطك على بني إسرائيل فتقتل رجالهم و تفعل بهم السوء قال فتاه في نفسه في ذلك الوقت ثم قال أرميا اكتب لي كتابا بأمان منك فكتب له كتابا و كان يخرج بالجبل و يحتطب و يدخله المدينة و يبيعه فدعا إلى حرب بني إسرائيل و كان مسكنهم في بيت المقدس و أقبل بختنصر فيمن أجابه نحو بيت المقدس و قد اجتمع إليه بشر كثير فلما بلغ أرميا إقباله نحو بيت المقدس استقبله على حمار له و معه الأمان الذي كتبه بختنصر فلم يصل إليه أرميا من كثرة جنوده فصير الأمان على خشبة و رفعها فقال من أنت فقال أنا أرميا النبي الذي بشرتك بأنك متسلط على بني إسرائيل و هذا أمانك لي قال أما أنت فقد آمنتك و أما أهل بيتك فإني أرمي من هاهنا إلى بيت المقدس فإن وصلت رميتي إلى بيت المقدس فلا أمان لهم عندي و إن لم تصل فهم آمنون و انتزع قوسه و رمى نحو بيت المقدس فحملت الريح النشابة حتى علقتها في بيت المقدس فقال لا أمان لهم عندي فلما وافى نظر إلى جبل من تراب وسط المدينة و إذا دم يغلي وسطه كلما ألقي عليه التراب خرج و هو يغلي فقال ما هذا فقالوا هذا نبي قتله ملوك بني إسرائيل
[426]
و دمه يغلي كلما ألقي عليه التراب خرج و هو يغلي فقال بختنصر لأقتلن بني إسرائيل أبدا حتى يسكن هذا الدم .
و كان ذلك الدم دم يحيى بن زكريا (عليه السلام) و كان في زمانه ملك جبار يزني بنساء بني إسرائيل و كان يمر يحيى بن زكريا (عليه السلام) فقال له يحيى اتق الله أيها الملك لا يحل لك هذا فقالت له امرأة من اللواتي كان يزني بهن حين سكر أيها الملك اقتل يحيى فأمر أن يؤتى برأسه فأتي برأس يحيى (عليه السلام) في الطشت و كان الرأس يكلمه و يقول يا هذا اتق الله لا يحل لك هذا ثم غلى الدم في الطشت حتى فاض إلى الأرض فخرج يغلي و لا يسكن و كان بين قتل يحيى و بختنصر مائة سنة و لم يزل بختنصر يقتلهم كان يدخل قرية قرية فيقتل الرجال و النساء و الصبيان و كل حيوان و الدم يغلي حتى أفنى من ثم فقال هل بقي أحد في هذه البلاد قالوا عجوزا في موضع كذا و كذا فبعث إليها فضرب عنقها على الدم فسكن و كانت آخر من بقي ثم أتى إلى بابل فبنى فيها مدينة و أقام و حفر بئرا فألقى فيها دانيال و ألقى معه اللبوة فجعل اللبوة تأكل طين البئر و يشرب دانيال لبنها فلبث بذلك زمانا فأوحى الله إلى النبي الذي كان في بيت المقدس أن اذهب بهذا الطعام و الشراب إلى دانيال و أقرئه السلام قال و أين هو يا رب فقال في بئر بابل في موضع كذا و كذا قال فأتاه فاطلع في البئر فقال يا دانيال قال لبيك صوت غريب قال إن ربك يقرئك السلام قد بعث إليك بالطعام و الشراب فدلاه إليه فقال دانيال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره الحمد لله الذي لا يخيب من دعاه الحمد لله الذي من توكل عليه كفاه الحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره الحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحسانا الحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة و الحمد لله الذي يكشف ضرنا عند كربتنا و الحمد لله الذي هو ثقتنا حتى ينقطع الحبل منا و الحمد لله الذي هو رجاؤنا حين ساء ظننا بأعمالنا قال فرأى بختنصر في نومه كان رأسه من حديد و رجلاه من نحاس و صدره من ذهب قال فدعا المنجمين فقال لهم ما رأيت قالوا ما ندري و لكن قص علينا .
[427]
ما رأيت في المنام فقال و أنا أجري عليكم الأرزاق منذ كذا و كذا و ما تدرون ما رأيت في المنام فأمر بهم فقتلوا فقال له بعض من كان عنده إن كان عند أحد شيء فعند صاحب الجب فإن اللبوة لم تعرض له و هي تأكل الطين و ترضعه فبعث إلى دانيال فقال ما رأيت في المنام فقال رأيت كان رأسك من كذا و صدرك من كذا قال هكذا رأيت فما ذاك فقال ذهب ملكك و أنت مقتول إلى ثلاثة أيام يقتلك رجل من ولد فارس قال فقال له إن علي لسبع مدائن على باب كل مدينة حرس و ما رضيت بذلك حتى وضعت بطة من نحاس على باب كل مدينة لا يدخل غريب إلا صاحت فيؤخذ قال فقال له إن الأمر كما قلت لك قال فبعث الخيل و قال لا تلقون أحدا من الخلق إلا قتلتموه و كان دانيال جالسا عنده قال لا تفارقني هذه الثلاثة أيام فإن مضت قتلتك فلما كان اليوم الثالث ممسيا أخذه الغم فتلقاه غلام كان اتخذه ابنا له من أهل فارس و هو لا يعلم أنه من أهل فارس فدفع إليه سيفه و قال له يا غلام لا تلقى أحدا إلا و قتلته و لو لقيتني أنا فاقتلني فأخذ الغلام سيفه فضرب به بختنصر ضربة فقتله فخرج أرميا على حمار و معه تين قد تزوده و شيء من عصير فنظر إلى سباع البر و سباع البحر و سباع الجو تأكل تلك الجيف ففكر في نفسه ساعة ثم قال أنى يحيي الله هؤلاء و قد أكلتهم السباع فأماته الله مكانه و هو قول الله تبارك و تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ أي أحياه فلما رحم الله بني إسرائيل و أهلك بختنصر رد بني إسرائيل إلى الدنيا و كان عزير لما سلط الله بختنصر على بني إسرائيل هرب و دخل في عين و غاب فيها و بقي أرميا مائة سنة ثم أحياه الله فأول ما أحيا منه عينيه في مثل غرقئ البيض فنظر فأوحى الله تعالى إليه كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً فنظر إلى الشمس قد ارتفعت فقال أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فقال الله تبارك و تعالى بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَ شَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير وَ انْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَ لِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَ انْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فجعل ينظر إلى العظام البالية المنفطرة
[428]
يجتمع إليه و إلى اللحم الذي قد أكلته السباع يتألف إلى العظام من هاهنا و من هاهنا و يلتزق بها حتى قام و قام حماره فقال أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .
أقول : قال أمين الإسلام رحمه الله في قوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ هو عزير و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) .
و قيل : هو أرميا و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و قيل هو الخضر (عليه السلام) .
قصص الراوندي عن الرضا (عليه السلام) قال : إن الملك قال لدانيال أشتهي أن يكون لي ولد مثلك فقال ما محلي من قلبك قال أجل محل و أعظمه قال دانيال (عليه السلام) فإذا جامعت فاجعل همتك في قلبك ففعل الملك ذلك فولد له ابن أشبه خلق الله بدانيال (عليه السلام) .
و فيه عن ابن عباس قال : قال عزير يا رب إني نظرت في جميع أمورك و أحكامها فعرفت عدلك بعقلي و بقي باب لم أعرفه إنك تسخط على أهل البلية فتعمهم بعذابك و فيهم الأطفال فأمره الله تعالى أن يخرج إلى البرية و كان الحر شديدا فرأى شجرة فاستظل بها و نام فجاءت نملة فقرصته فدلك الأرض برجليه فقتل من النمل كثيرا فعرف أنه مثل ضرب له فقيل يا عزير إن القوم إذا استحقوا عذابي قدرت نزوله عند انقضاء آجال الأطفال فماتوا أولئك بآجالهم و هلك هؤلاء بعذابي .
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : سمي بختنصر لأنه رضع بلبن كلبة و كان اسم الكلبة بخت و اسم صاحبها نصر و كان مجوسيا أغلف أغار على بيت المقدس و دخله في ستمائة ألف عام الحديث .
العياشي قال ذكر جماعة من أهل العلم أن ابن الكواء قال لعلي (عليه السلام) ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا ?
قال : نعم أولئك ولد عزير حيث مر على قرية خربة تحته حمار و معه شنة فيها لبن و كوز فيه عصير فمر على قرية فقال أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ فتوالد ولده و تناسلوا ثم بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فأولئك ولده أكبر من أبيهم .
و في حديث آخر عنه (عليه السلام) : أن عزيرا خرج من أهله و امرأته في شهرها و له يومئذ خمسون سنة فلما ابتلاه الله عز و جل بذنبه أماته الله مائة سنة ثم بعثه فرجع إلى أهله و هو ابن خمسون سنة فاستقبله ابنه و هو ابن مائة سنة و رد الله عزيرا في السن الذي كان به .
[429]
الكافي مسندا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إنه كان نبي يقال له دانيال و إنه أعطى صاحب معبر رغيفا لكي يعبر به فرمى صاحب المعبر بالرغيف و قال ما أصنع بالخبز هذا الخبز عندنا قد يداس بالأرجل فلما رأى دانيال ذلك منه رفع يده إلى السماء و قال اللهم أكرم الخبز فقد رأيت يا رب ما صنع هذا العبد و لما قال أوحى الله عز و جل إلى السماء أن تحبس الغيث و أوحى إلى الأرض أن كوني طبقا كالفخار قال فلم يمطر شيء حتى إنه بلغ من أن بعضهم أكل بعضا فلما بلغ منهم ما أراد الله من ذلك قالت امرأة لأخرى و لهما ولدان يا فلانة تعالي حتى آكل أنا و أنت اليوم ولدي فإذا جعنا غدا أكلنا ولدك قالت نعم فأكلتاه فلما جاعتا من الغد راودت الأخرى على أكل ولدها فامتنعت عليها فقالت لها بيني و بينك نبي الله فاختصما إلى دانيال (عليه السلام) فقال لهما و قد بلغ الأمر إلى ما أرى قالتا له نعم يا نبي الله و أشر فرفع يده إلى السماء فقال اللهم عد علينا بفضلك و رحمتك و لا تعاقب الأطفال و من فيه خير بذنب صاحب المعبر و أضرابه لنقمتك قال فأمر الله تعالى إلى السماء أن أمطري على الأرض و أمر الله الأرض أن أنبتي لخلقي ما قد فاتهم من خيرك فإني قد رحمتهم بالطفل الصغير .
تفسير علي بن إبراهيم قال : لما أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر (عليه السلام) إلى الشام سأله عالم النصارى عن مسائل فكان فيما سأله أخبرني عن رجل دنا من امرأته فحملت بابنين جميعا حملتهما في ساعة واحدة و ماتا في ساعة واحدة و دفنا في قبر واحد فعاش أحدهما خمسين و مائة سنة و عاش الآخر خمسين سنة من هما فقال أبو جعفر (عليه السلام) هما عزير و عزرة كان حمل أمهما على ما وصفت و وضعهما على ما وصفت و عاش عزرة مع عزير ثلاثين سنة ثم أمات الله عزير مائة سنة و بقي عزرة حيا ثم بعث الله عزيرا فعاش مع عزرة عشرين سنة .
يقول مؤلف الكتاب أيده الله تعالى : وقع الخلاف في أن الذي أماته الله مائة عام هل هو أرميا أو عزير و قد دلت الروايات على كل منهما.
[430]
و قيل و لعل الأخبار الدالة على كونه عزيرا محمولة على التقية أو على ما يوافق أهل الكتاب بأن يكون أجابوهم على معتقدهم .
دعوات الراوندي قال : أوحى الله إلى عزير إذا وقعت في معصية فلا تنظر إلى صغرها و لكن انظر إلى من عصيت و إذا أوتيت رزقا مني فلا تنظر إلى قلته و لكن انظر إلى من أهداه و إذا نزلت بك بلية فلا تشك إلى خلقي كما لا أشكوك إلى ملائكتي عند صعود مساوئك و فضائحك .
[431]